القولُ الثَّاني: ذَهبَ المالكيَّةُ إلى أنَّ الزَّوجَ إذا طلَّقَ زَوجَتَه المَدخولُ بها واحدَةً أو اثنتَينِ أو ثلاثًا ثمَّ ماتَ مِنْ مرَضِهِ المَخُوفِ فإنَّها تَرثُه مُطلقًا، سواءٌ انقَضَتْ عدَّتُها أم لمْ تَنقَضي؛ لأنَّ الميراثَ إنَّما يَثبتُ لها لأنَّ الطَّلاقَ صادَفَ سبَبَهُ وهوَ ثُبوتُ الحَجْرِ عليهِ مِنْ أجْلِها؛ فلا فرْقَ بيْنَ بقاءِ العدَّةِ وزَوالِها؛ لِوُجوبِ الميراثِ لها بحُصولِ السَّببِ الَّذي هوَ الحَجْرُ، سواءٌ تزوَّجَتْ بعْدَه أم لم تتزوَّجْ، حتَّى لو تزوَّجَتْ بعْدَهُ ثمَّ ماتَ وَرثَتْه، وكذلكَ لو تزوَّجَتْ بعَشرةِ مِنَ الرِّجالِ وكلٌّ مِنهم طلَّقَها في مَرضِ مَوتِه المَخُوفِ فإنَّها تَرثُ منهُم جميعًا؛ لأنَّ الميراثَ إنَّما وجَبَ لها بإخْراجِه إيَّاها منْهُ بعْدَ ثُبوتِ حقِّ الحجْرِ عليهِ، وهذا مَوجودٌ معَ تَزوُّجِها، فلَم يكُنْ لاعتِبارِ التَّزويجِ معنًى كما لم يكُنْ لاعتِبارِ العدَّةِ مَعنًى.
وقدْ رَوى مالكٌ في «المُوطَّأ»: بابُ طلاقِ المرِيضِ
١١٨٣ - حدَّثَني يَحيَى عَنْ مالِكٍ عنِ ابنِ شِهابٍ عَنْ طلحَةَ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ عَوفٍ قالَ: وكانَ أعلَمَهُم بذلكَ، وعَن أبي سلَمةَ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوْفٍ أنَّ عَبْدَ الرَّحمَنِ بنَ عوْفٍ طَلَّقَ امرأتَهُ البتَّةَ وهوَ مرِيضٌ، فوَرَّثَها عُثمانُ بنُ عفَّانَ منهُ بعْدَ انقِضاءِ عدَّتِها».
١١٨٤ - وحدَّثَني عَنْ مالكٍ عَنْ عَبدِ الله بنِ الفَضلِ عنِ الأعرَجِ «أنَّ عُثمانَ بنَ عفَّانَ ورَّثَ نِساءَ ابنِ مُكْمِلٍ منهُ، وكانَ طَلَّقَهنَّ وهو مَريضٌ».
١١٨٥ - وحدَّثَني عَنْ مالكٍ أنَّهُ سَمعَ رَبيعةَ بنَ أبي عَبدِ الرَّحمنِ يَقولُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute