للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممَّنْ أجازَ طلاقَ الكُفَّارِ عطاءٌ والشَّعبيُّ والنَّخَعيُّ والزُّهريُّ وحمَّادٌ والثَّوريُّ والأوزاعيُّ والشَّافعيُّ وأصحابُ الرَّأيِ، ولَم يُجوِّزْه الحسَنُ وقَتادةُ ورَبيعةُ ومالكٌ.

ولنا: إنَّهُ طلاقٌ مِنْ بالِغٍ عاقِلٍ في نِكاحٍ صَحيحٍ، فوَقَع كطلاقِ المُسلِمِ.

فإنْ قيلَ: لا نُسلِّمُ صحَّةَ أنكحَتِهم.

قُلنا: دَليلُ ذلكَ أنَّ اللهَ تعَالى أضافَ النِّساءَ إليهم فقالَ: ﴿وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾ وقالَ: ﴿امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ﴾، وحَقيقةُ الإضافَةِ تَقتَضي زَوجيَّةً صَحيحةً، وقالَ النَّبيُّ : «وُلِدتُ مِنْ نِكاحٍ، لا مِنْ سِفاحٍ»، وإذا ثبَتَ صِحَّتُها ثَبتَتْ أحكامُها كأنكِحةِ المُسلمِينَ، فعلى هذا إذا طلَّقَ الكافِرُ ثلاثًا ثمَّ تزوَّجَها قبْلَ زَوجٍ وأصابَها ثمَّ أسلَمَا لم يُقرَّا عليهِ، وإنْ طلَّقَ امرأتَهُ أقلَّ مِنْ ثَلاثٍ ثمَّ أسلمَا فهيَ عندَهُ على ما بقِيَ مِنْ طلاقِها، وإنْ نكَحَها كِتابيٌّ وأصابَها حلَّتْ لمُطلِّقِها ثلاثًا، سواءٌ كانَ المُطلِّقُ مُسلمًا أو كافرًا، وإنْ ظاهَرَ الذِّمِّيُّ مِنِ امرأتِهِ ثمَّ أسلمَا فعَليهِ كفَّارَةُ الظِّهارِ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ﴾، وإنْ آلَى ثبَتَ حكْمُ الإيلاءِ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ : وُقوعُ الطَّلاقِ لا يَخلُو: إمَّا أنْ يَعتقِدَ الكافِرُ نُفوذَ الطَّلاقِ، أو لا يَعتقِدُه؛ فإنِ اعتَقدَهُ نفَذَ طَلاقُهُ ولَم يَكنِ الإسلامُ


(١) «المغني» (٧/ ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>