للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنَّ مَنْ طلَّقَ زوجةً لهُ -دخلَ بها أو لم يَدخُل بها- ثلاثًا لَم تَحِلَّ لهُ حتَّى تَنْكِحَ زَوجًا غيرَهُ، فإذا قالَ الرَّجلُ لامرأتِهِ الَّتي لَم يَدخُلْ بها: «أنتِ طالِقٌ ثلاثًا» فقَدْ حَرُمَتْ عليهِ حتَّى تَنْكِحَ زَوجًا غيرَهُ.

وقَول اللهِ ﷿: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ وقالَ: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ الآيَة، فالقُرآنُ يَدلُّ على أنَّ الرَّجعةَ لِمَنْ طلَّقَ واحِدةً أو اثنتَينِ إنَّما هيَ على المُعتدَّةِ؛ لأنَّ اللهَ ﷿ إنَّما جعَلَ الرَّجعةَ في العِدَّةِ -وكانَ الزَّوجُ لا يَملِكُ الرَّجعةَ إذا انقَضَتِ العِدَّةُ-؛ لأنَّهُ يَحِلُّ للمَرأةِ في تلكَ الحالِ أنْ تَنكحَ زَوجًا غيرَ المُطلِّقِ، فمَن طلَّقَ امرأتَهُ ولم يَدخلْ بها تَطليقةً أو تَطليقتَينِ فلا رَجعةَ لهُ عَليها ولا عِدَّةَ، ولها أنْ تَنْكِحَ مَنْ شاءَتْ ممَّنْ يَحلُّ لها نِكاحُهُ، وسواءٌ البكرُ في هذا والثَّيبُ (١).

ولمَا رَواهُ الإمامُ مالِكٌ وغَيرُهُ عنِ ابنِ شِهابٍ عن مُحمَّدِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ ثوْبانَ عن مُحمَّدِ بنِ إياسِ بنِ البُكيرِ «أنَّه قالَ: طلَّقَ رجُلٌ امرأتَهُ ثلاثًا قبْلَ أنْ يَدخُلَ بها، ثمَّ بدَا لهُ أنْ يَنكحَها، فجاءَ يَستَفتي، فذَهَبتُ معَهُ أسألُ لهُ، فسألَ عبدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ وأبا هُريرةَ عن ذلكَ فقَالا: لا نرَى أنْ تَنكحَها حتَّى تَنكحَ زوْجًا غيْرَكَ، قالَ: فإنَّما طلاقي إيَّاها واحدةٌ، قالَ ابنُ عبَّاسٍ: «إنَّكَ أرسَلْتَ مِنْ يدِكَ ما كانَ لكَ مِنْ فَضلٍ» (٢).


(١) «الأم» (٥/ ١٨٣).
(٢) رواه مالك في «الموطأ» (١١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>