للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطَّلاقُ المُحرِّمُ لها: لا تَحِلُّ لهُ حتَّى تَنْكِحَ زَوجًا غيْرَهُ، وهوَ فيما إذا طلَّقَها ثَلاثَ تَطليقاتٍ كما أَذِنَ اللهُ ورَسولُهُ، وهوَ أنْ يُطلِّقَها ثُمَّ يَرتجِعَها في العِدَّةِ، أو يَتزوَّجَها ثمَّ يُطلِّقَها ثمَّ يَرتجِعَها، أو يَتزوَّجَها ثمَّ يُطلِّقَها الطَّلقَةَ الثَّالِثَةَ، فهذا الطَّلاقُ المُحرِّمُ لها حتَّى تَنْكِحَ زَوجًا غيْرَه باتِّفاقِ العُلماءِ، وليسَ في كِتابِ اللهِ ولا سُنَّةِ رَسولِهِ في المَدخولِ بها طلاقٌ بائِنٌ يُحسَبُ مِنَ الثَّلاثِ … (١).

وقالَ أيضًا: وأمَّا لَو طلَّقَها الثَّلاثَ طلاقًا مُحرَّمًا مِثلَ أنْ يَقولَ لهَا: «أنتِ طالِقٌ ثلاثةً» جُملةً واحدَةً فهذا فيهِ قَولانِ للعُلماءِ:

أحدُهما: يَلزمُه الثَّلاثُ.

والثَّاني: لا يَلزُمُه إلَّا طَلقةٌ واحدَةٌ، ولهُ أنْ يَرتجِعَها في العِدَّةِ ويَنكحَها بعَقدٍ جديدٍ بعْدَ العدَّةِ، وهذا قَولُ كَثيرٍ مِنَ السَّلفِ والخلَفِ، وهو قَولُ طائفةٍ مِنْ أصحابِ مالِكٍ وأبي حَنيفةَ وأحمَدَ بنِ حنبلٍ، وهَذا أظهَرُ القولَينِ؛ لِدَلائلَ كَثيرةٍ مِنها:

ما ثبَتَ في الصَّحيحِ عنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ: «كانَ الطَّلاقُ الثَّلاثُ على عَهدِ رَسولِ اللهِ وأبي بكرٍ وصَدرًا مِنْ خِلافةِ عُمرَ واحدةٌ».

ومِنها ما رَواهُ الإمامُ أحمدُ وغَيرُه بإسنادٍ جَيدٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ: «أنَّ رُكانَةَ بنَ عَبدِ يَزيدَ طلَّقَ امرأتَهُ ثَلاثًا في مَجلسٍ واحِدٍ، وجاءَ إلى النَّبيِّ فقالَ: «إنَّما


(١) «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ٧/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>