للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خالَفُوا ذلكَ فطَلَّقُوا في الوقتِ الَّذي لا يَنبغِي لهم أنْ يُطلِّقُوا فيهِ وأَوقعُوا مِنَ الطَّلاقِ أكثَرَ مِمَّا أُمِرُوا بإيقاعِهِ لَزمَهم ما أَوقَعُوا مِنْ ذلكَ، وهمْ آثِمُونَ في تَعدِّيهم ما أمَرَهُم اللهُ ﷿، وليسَ ذلكَ كالوكالاتِ؛ لأنَّ الوُكلاءَ إنِّما يَفعلُونَ ذلكَ للمُوكِّلِينَ، فيَحلُّونَ في أفعالِهم تلكَ مَحلَّهم، فإنْ فَعلُوا ذلكَ كما أُمِرُوا لَزِمَ، وإنْ فَعلُوا ذلكَ على غَيرِ ما أُمِرُوا بهِ لَم يَلزمْ، والعِبادُ في طَلاقِهم إنَّما يَفعلُونَه لأنفُسِهم لا لغَيرِهم، لا لِرَبِّهم ﷿، ولا يَحلُّونَ في فِعلِهم ذلكَ مَحلَّ غَيرِهم، فيُرادُ مِنهُم في ذلكَ إصابَةُ ما أَمَرَهم بهِ الَّذينَ يَحلُّونَ في فِعلِهم ذلكَ مَحلَّهم، فلمَّا كانَ ذلكَ كذلكَ لَزِمَهم ما فَعلُوا وإنْ كانَ ذلكَ ممَّا قد نُهُوا عنهُ؛ لأنَّا قد رَأَينا أشياءَ ممَّا قد نهَى اللهُ تعالَى العِبادَ عنْ فِعلِها أَوجَبَ عليهِم إذا فعَلُوها أحكامًا، مِنْ ذلكَ أنَّهُ نهَاهُم عنِ الظِّهارِ، ووَصَفَه بأنهُ مُنكَرٌ مِنَ القَولِ وزُورٌ، ولَم يَمنَعْ ما كانَ كذلكَ أنْ تَحرُمَ بهِ المرأةُ على زَوجِها حتَّى يَفعَلَ ما أمَرَهُ اللهُ تعالَى بهِ مِنَ الكفَّارةِ، فلمَّا رَأَينا الظِّهارَ قَولًا مُنكَرًا وزُورًا وقدْ لَزِمَتْ بهِ حُرمةٌ كانَ كذلكَ الطَّلاقُ المَنهيُّ عنهُ هوَ مُنكَرٌ مِنْ القَولِ وزُورٌ والحُرمَةُ بهِ واجِبةٌ.

وقدْ رَأَينا رَسولَ اللهِ لمَّا سأَلَه عُمرُ بنُ الخطَّابِ عن طَلاقِ عَبدِ اللهِ امرَأتَه وهيَ حائِضٌ أمَرَه بمُراجَعتِها، وتواتَرَتْ عنهُ بذلكَ الآثارُ، وقدْ ذكَرْتُها في البابِ الأوَّلِ، ولا يَجوزُ أنْ يُؤمَرَ بالمُراجَعةِ مَنْ لَم يَقعْ طَلاقُه، فلمَّا كانَ النَّبيُّ قد أَلزَمَه الطَّلاقَ في الحَيضِ، وهوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>