للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ : فالرَّاجحُ في المَوضِعَينِ تَحريمُ المُتعةِ وإِيقاعُ الثَّلاثِ؛ لِلإجماعِ الَّذي انعقَدَ في عَهدِ عُمرَ على ذلكَ، ولا يُحفظُ أنَّ أحدًا في عَهدِ عُمرَ خالَفَهُ في واحدَةٍ مِنهُما، وقد دلَّ إجماعُهم على وُجودِ ناسِخٍ، وإنْ كانَ خَفِيَ عَنْ بَعضِهم قبْلَ ذلكَ حتَّى ظهَرَ لِجَميعِهِم في عَهدِ عُمرَ، فالمُخالِفُ بعدَ هذا الإجماعُ منابِذٌ لهُ، والجُمهورُ على عَدمِ اعتِبارِ مَنْ أَحدَثَ الاختِلافَ بعْدَ الاتِّفاقِ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : جُمهورُ فُقهاءِ الأمصارِ على أنَّ الطَّلاقَ بِلفظِ الثَّلاثِ حُكمُه حُكمُ الطَلْقةِ الثَّالثةِ.

وقالَ أهلُ الظَّاهِرِ وجماعةٌ: حُكمُهُ حكمُ الواحدَةِ ولا تَأثيرَ للَّفظِ في ذلكَ، وحجَّةُ هؤلاءِ ظاهرُ قولِهِ تعَالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ إلى قولِهِ في الثَّالثةِ: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾، والمطلِّقُ بلفظِ الثَّلاثِ مُطلِّقُ واحدةٍ لا مُطلِّقُ ثلاثٍ.

واحتَجُّوا أيضًا بِما خرَّجَهُ البُخاريُّ ومُسلمٌ عنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ: «كانَ الطَّلاقُ على عَهدِ رَسولِ اللهِ وأبي بَكرٍ وسَنتَينِ مِنْ خِلافةِ عُمرَ طلاقُ الثَّلاثِ واحدةً، فأَمضاهُ عليهِم عُمرُ» (٢).

واحتجُّوا أيضًا بمَا رواهُ ابنُ إسحاقَ عن عِكرمةَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ:


(١) «فتح الباري» (٩/ ٣٦٥).
(٢) رواه مسلم (١٤٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>