للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي لَفظٍ: «إذا قَعد في الصَّلاةِ جعلَ قَدَمَه اليُسرى تحتَ فَخِذِهِ اليُمنى وَسَاقِهِ، وفرشَ قَدَمَه اليُمنَى» (١). وهذا لا يَكونُ إلا مع الإفضاءِ بوَرِكِه إلى الأرضِ على ما قُلنا، ولأنَّ ذلك أبلَغُ في التَّمكينِ، وأحسَنُ في وَقارِ الصَّلاةِ.

ولأنَّه فِعلٌ يَتكرَّرُ في الصَّلاةِ يَستَوي فيه الإمامُ والمَأمومُ، كانَ على صِفةٍ واحدةٍ، كالرُّكوعِ، ولأنَّها صِفةٌ مَسنونةٌ حالَ القُعودِ، لم تَختلِف صِفَتُها؛ كوَضعِ اليَدينِ على الفَخِذَينِ (٢).

وذَهب الشافِعيَّةُ والحَنابلَةُ إلى أنَّه يُسنُّ التَورُّكُ في التشهُّدِ الأخيرِ، والافتِراشُ في باقي الجَلساتِ؛ لِحَديثِ أبي حُمَيدٍ : «أنَّ النَّبيَّ إذا جلسَ في الرَّكعتَينِ جلسَ على رِجلِه اليُسرَى، وَنصبَ اليُمنَى، وإذا جلسَ في الرَّكعَةِ الآخرةِ قدَّم رِجلَه اليُسرَى، وَنصبَ الأُخرَى، وَقَعد على مَقعدتِه». وفي رِوايةٍ: «فإذا كانَ في الرَّابعَةِ أَفضَى بِوَرِكِه اليُسرَى إلى الأرضِ، وَأَخرَج قَدمَيهِ مِنْ نَاحِيَةٍ واحدةٍ» (٣). والحِكمةُ في المُخالَفةِ بينَ الأخيرِ وغيرِه مِنْ بَقيَّةِ الجَلساتِ أنَّ المُصلِّي مُستوفِزٌ فيها لِلحَركةِ، بخِلافِه في الأخيرةِ، والحَركةُ عن الافتِراشِ أهوَنُ.

إلا أنَّ الشافِعيَّةَ قالوا: يُسنُّ التَورُّكُ في كلِّ تَشهُّدٍ يسلِّمُ فيه، وإن لم يَكنُ


(١) رَواه أبو داود (٩٨٨).
(٢) «الإشراف على نُكت مسائل الخلاف» (١/ ٢٨٣، ٢٨٤) رقم (٢٠٠)، و «الاستذكار» (١/ ٤٧٩)، و «التَّمهيد» (١٩/ ٢٤٨)، و «تفسير القرطبي» (١/ ٣٦٠)، و «بداية المجتهد» (١/ ١٩٢، ١٩٣).
(٣) رَواه البخاري (٧٩٤) بدون الرواية الأخيرة، وهي عند أبي داود (٧٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>