للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُهُ تعَالى: ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (١)﴾، يعني: النَّدم الَّذي يُمكنُ تَلافيهِ بالرَّجعةِ، فأمَرَنا أنْ نُطلِّقَ ما نَملكُ معهُ الرَّجعةَ؛ لئلَّا يَلحقَنا ندمٌ عليهِ، فلا يكونُ لنا سَبيلٌ إلى تَلافِيهِ، فلولا أنَّهُ يقعُ إذا أَوقَعْناهُ على هذا الوجهِ وإلَّا لم يَكنْ لهذا القَولِ معنًى؛ لأنَّ ما يَحدثُ يُمكنُ تَلافِيه بالرَّجعةِ على قَولِ مَنْ يقولُ: «يَقعُ واحدةً»، أو لا يؤثِّرُ على قولِ مَنْ يقولُ: «لا يقَعُ جُمْلةً».

ولقولِهِ تعالَى: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾، وهذا مَوضوعُهُ الزَّجرُ عنِ الفِعلِ والرَّدعُ عنهُ، فلولا أنَّهُ واقِعٌ وإلَّا لم يَصِفْه بأنَّهُ ظالِمُ نفْسِهِ؛ لأنَّه كانُ يكونُ لغوًا، واللَّاغِي لا يقالُ لهُ ذلكَ (١).

وأمَّا السُّنةُ:

فعنِ ابنِ شهابِ أنَّ سَهلَ بنَ سَعدٍ السَّاعديَّ أخبَرَهُ «أنَّ عُويْمِرًا العجْلانِيَّ جاءَ إلى عاصِمِ بنِ عدِيٍّ الأنصارِيِّ فقالَ لهُ: يا عاصِمُ أَرَأيتَ رَجلًا وجَدَ مع امرأتِهِ رَجلًا أَيَقتلُه فتَقتلُونَهُ أمْ كيفَ يَفعَلُ؟ سَلْ لي يا عاصِمُ عَنْ ذلكَ رَسولَ اللهِ ، فسَألَ عاصِمٌ عن ذلكَ رَسولَ اللهِ فكَرِهَ رَسولُ اللهِ المَسائلَ وعابَها حتَّى كَبُرَ على عاصِمٍ ما سَمِعَ مِنْ رَسولِ اللهِ ، فلمَّا رجَعَ عاصِمٌ إلى أَهلِهِ جاءَ عوَيْمِرٌ فقالَ: يا عاصِمُ ماذا قالَ لكَ رَسولُ اللهِ ؟ فقالَ عاصِمٌ:


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٤٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>