للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحِلُّ لهُ حتَّى تنكِحَ زوجًا غيرَهُ، وبهذا القولِ قالَ عامَّةُ فقهاءِ الإسلامِ مِنْ المذاهبِ الأربعةِ وغيرِهم، واستَدلُّوا على ذلكَ بالكتابِ والسنَّةِ والإجماعِ والقياسِ.

أمَّا الكتابُ: فقولُ اللهِ تعالَى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ٢٢٩]، وقالَ تعالَى: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٠]، وقالَ تعالَى: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢٤١]، وقالَ تعالَى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٧].

ووجهُ الدَّلالةِ: أنَّ اللهَ لم يُفرِّقْ بيْنَ إيقاعِ الطَّلقةِ الواحدةِ والاثنتَينِ والثَّلاثِ في هذهِ الأحكامِ، فدلَّ هذا على أنَّ مَنْ أَوقَعَ الطَّلَقاتِ بأيِّ عَددٍ فقدْ لَزمَتْه، وأنَّه لمَّا جازَ جَمعُ الثنْتَينِ في الطَّلاقِ دفعةً واحدةً جازَ جَمعُ الثَّلاثِ (١).

وقولُ اللهِ تعَالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [البقرة: ٢٣٦]، فكانَ رفْعُ الجُناحِ عنهُ مِنْ غيرِ تمييزٍ لعَددٍ يُوجبُ التَّسويةَ بيْنَ الأعدادَ (٢).


(١) «أحكام القرآن» للجصاص (٣/ ٨٣، ٨٧)، و «فتح الباري» (٩/ ٣٦٥)، و «نيل الأوطار» (٧/ ١٦).
(٢) «الحاوي الكبير» (١٠/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>