للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبيِّ في حديثِ ابنِ عُمرَ أنَّهُ أمَرَه أنْ يُطلِّقَها طاهِرًا أو حامِلًا، ولم يَخصَّ أوَّلَ الحمْلِ مِنْ آخرِه (١).

وقالَ القاضِي عبدُ الوهابِ : اليائِسةُ والصَّغيرةُ المدخولُ بهمَا يُطلِّقُهما أيَّ وقتٍ شاءَ، وقالَ زفرُ: إذا دخَلَ بهما فلا يُطلِّقهما حتَّى يفصِلَ بيْنَ الجِماعِ والطَّلاقِ بشَهرٍ، فدليلُنا قولُهُ تعالَى: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾، وقولُهُ في حديثِ ابنِ عُمرَ: «لِيُطلِّقْها طاهِرًا مِنْ غَيرِ جِماعٍ، أو حامِلاً قد استَبانَ حَمْلُها»، فأباحَ طلاقَ الحامِلِ لِظُهورِ الحمْلِ، وذلكَ يَقتَضي أنَّهُ إذا جامَعَها وحمْلُها ظاهِرٌ فلهُ أنْ يُطلِّقَها عَقيبَ الجِماعِ واحدةً، لا يفصلُ بيْنَ الحامِلِ والحائِلِ في ذلكَ، ونَقيسُ عَليها فنَقولُ: لأنَّها ممَّن تَعتدُّ عَقيبَ الجماعِ وتُعرفُ عدَّتُها، فجازَ طلاقُها في تلكَ الحالِ كالحائِلِ، ولأنَّهُ فصْلٌ لا يُستفادُ بهِ السَّلامةُ مِنْ طلاقٍ في طُهرٍ جُومِعَ فيهِ، أو لا يُستفادُ منهُ معرفةُ جنْسِ العدَّةِ، فلَم يحتَجْ إليهِ، أصلُه ما زادَ على الشَّهرِ (٢).

وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : وأمَّا في الحامِلِ إذا استَبانَ حمْلُها فالأَحسَنُ أنْ يُطلِّقَها واحِدةً رجعيَّةً وإنْ كانَ قدْ جامَعَها وطلَّقَها عَقِيبَ الجِماعِ؛ لأنَّ الكراهَةَ في ذواتِ القُرْءِ لاحتِمالِ النَّدامةِ، لا لاحتِمالِ الحبَلِ، فمتَى طلَّقَها معَ علْمِه بالحبَلِ فالظَّاهرُ أنهُ لا يَندمُ، وكذلكَ في ذواتِ الشَّهرِ


(١) «التمهيد» (١٥/ ٨٠).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٤١٣، ٤١٤) رقم (١٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>