للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهُ الدَّلالةِ مِنَ الحَديثِ: أمَرَ رَسولُ اللهِ ابنَ عُمرَ بمُراجَعةِ امرأتِهِ إذْ طَلَّقَها حائِضًا، والمُراجَعةُ لا تكونُ إلَّا بعْدَ لُزومِ الطَّلاقِ، ولَو لَم يكنِ الطَّلاقُ في الحَيضِ واقِعًا ولا لازِمًا ما قالَ لهُ: «رَاجِعْها»؛ لأنَّ مَنْ لَم يُطلِّقْ ولَم يقَعْ عليها طَلاقٌ لا يُقالُ فيهِ: «رَاجِعْها»؛ لأنَّهُ مُحالٌ أنْ يُقالَ لرَجلٍ امرَأتُه في عِصمتِه لَم يُفارِقْها: «رَاجِعْها»، ألَا تَرَى إلى قَولِ اللهِ ﷿ في المُطلِّقاتِ: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ يَعني في العدَّةِ، وهَذا لا يَستَقيمُ أنْ يُقالَ مِثلُه في الزَّوجاتِ غَيرِ المُطلَّقاتِ (١).

ولأنَّه لو لَم يكنِ الطَّلاقُ واقِعًا لَمَا احتاجَ إلى الرَّجعَةِ وكانَتْ لا تَصِحُّ رَجعَتُه؛ لأنَّه لا يَجوزُ أنْ يُقالَ: «راجَعَ امرأتَهُ» ولَم يُطلِّقْها؛ إذْ كانَتِ الرَّجعةُ لا تكونُ إلَّا بعْدَ الطَّلاقِ (٢).

٢ - وقَد عَنْوَنَ الإمامُ البُخارِيُّ في صَحيحِه (بَاب إذا طُلِّقَتِ الحائِضُ يُعتدُّ بذلكَ الطَّلاقِ)

٤٩٥٤: حدَّثَنا سُليمانُ بنُ حَربٍ حدَّثَنا شُعبةُ عَنْ أنسِ بنِ سيرينَ قالَ: سَمعْتُ ابنَ عُمرَ قالَ: «طَلَّقَ ابنُ عُمَرَ امرأتَهُ وهيَ حائِضٌ، فذَكَرَ عُمرُ للنَّبيِّ فقالَ: لِيُراجِعْها، قُلتُ: تُحتسَبُ؟ قالَ: فَمَهْ».

وعنْ قتادةَ عَنْ يُونسَ بنِ جُبيرٍ عنِ ابنِ عُمرَ قالَ: «مُرْهُ فلْيُراجِعْها قُلتُ: تُحتسَبُ؟ قالَ: أَرأيتَ إنْ عَجَزَ وَاستَحمَقَ».


(١) «التمهيد» (١٥/ ٥٨، ٥٩)، و «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ٣٨٤).
(٢) «أحكام القرآن» (٢/ ٨٦، ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>