امتِثالًا لِأمرِ اللهِ سبحانَهُ، ومُوافَقةً لِقولِ السَّلفِ، وأَمنًا مِنْ النَّدمِ؛ فإنَّهُ متى ندِمَ راجَعَها، فإنْ فاتَهُ ذلكَ بانقِضاءِ عدتِها فلهُ نكاحُها، قالَ محمدُ بنُ سيرينَ: إنَّ عليًّا كرَّمَ اللهُ وجهَهُ قالَ: «لَو أنَّ الناسَ أَخذُوا بما أمَرَ اللهُ مِنَ الطَّلاقِ ما يُتبِعُ رجلٌ نفْسَهُ امرأةً أبدًا، يُطلِّقُها تطليقةً ثمَّ يدَعُها ما بينَها وبيْنَ أنْ تَحيضَ ثلاثًا، فمتَى شاءَ راجَعَها» رواهُ النَّجادُ بإسنادِه.
وعَن عبدِ اللهِ قالَ: «مَنْ أرادَ أنْ يُطلِّقَ الطَّلاقَ الَّذي هوَ الطَّلاقُ فلْيُمهلْ حتَّى إذا حاضَتْ ثمَّ طهُرَتْ طلَّقَها تطليقةً في غَيرِ جماعٍ، ثمَّ يدَعُها حتَّى تَنقضيَ عدتُها، ولا يُطلِّقُها ثلاثًا وهيَ حاملٌ فيَجمعُ اللهُ عليهِ نفقَتَها وأجْرَ رَضاعِها، ويُندِمُهُ اللهُ فلا يَستطيعُ إليها سَبيلًا» (١).
وقالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ ﵀: جَمْعُ الطَّلاقِ الثَّلاثِ مُحرَّمٌ عندَ جُمهورِ السَّلفِ والخلَفِ، وهوَ مَذهبُ مالكٍ وأبي حنيفَةَ وأحمدَ في آخِرِ الروايتَينِ عنهُ، واختِيارُ أكثرِ أصحابِه.
ثمَّ هل يقَعُ عندَ هؤلاءِ أو لا يقَعُ؟ أو تقَعُ واحدةً؟ أو يُفرَّقُ بينَ المَدخولِ بها وغيرِ المَدخولِ بها؟ فيهِ نزاعٌ.
والنِّزاعُ بينَ السَّلفِ إنَّما هوَ هل تقعُ واحدةٌ أو ثَلاثٌ.
وأمَّا القَولُ بأنَّهُ لا يقعُ شيءٌ فإنَّما هوَ مَنقولٌ عن بعضِ أهلِ البِدعِ مِنْ أهلِ الكلامِ والرَّافضةِ.
(١) «المغني» (٧/ ٢٨١، ٢٨٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute