للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاجةٍ فوجَبَ كونُهُ مَمنوعًا، أصلُهُ الظِّهارُ، ولأنَّ الجَمعَ بينَ الثَّلاثِ يتعلَّقُ بهِ النَّدمُ في الغالِبِ، وله مَندُوحَةٌ عنه فكانَ المنعُ مُتعلِّقًا بهِ كالطَّلاقِ في الطُهرِ الَّذي تُمَسُّ فيهِ، ولأنَّ الطَّلاقَ يَتضمَّنُ وقتًا وعَددًا، فإذا جازَ أنْ يُؤثِّرَ المنعُ في الوقتِ لحقِّ المرأةَ، وهوَ أنَّهُ يَطوِّلُ عليهَا، فمُنِعَ مِنْ ذلكَ لِيُزيلَ الضَّررَ عَنها، جازَ أنْ يُؤثِّرَ في العَددِ لحقِّ الزَّوجِ، وهو النَّدمُ الَّذي يَلحقُه لِيَزولَ الضَّررُ برفْعِه (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : دَلالةُ الكتابِ والسُّنَّةِ على أنَّ الطَّلاقَ السنَّةَ أنْ يُطلِّقَ طَلقةً واحدةً ثمَّ يُراجِعُها أو يَدعُها حتَّى تَنقضيَ عِدتُها، وأنَّهُ متَى طلَّقَها ثِنتَينِ أو ثَلاثًا قبْلَ رجعةٍ أو عقدٍ جديدٍ فهوَ طلاقُ بدعَةٍ مُحرَّمٌ عندَ جُمهورِ السَّلفِ والخَلفِ، كما هوَ مَذهبُ مالكٍ وأَبي حنيفَةَ وأصحابِهما وأحمدَ في آخرِ قَولَيهِ واختيارُ أكثرِ أصحابِهِ (٢).

وقالَ ابنُ قُدامَةَ : ولأنَّهُ تَحريمٌ للبُضعِ بقولِ الزَّوجِ مِنْ غيرِ حاجةٍ فحَرُمَ كالظِّهارِ، بلْ هذا أَولَى؛ لأنَّ الظِّهارَ يَرتفعُ تَحريمُهُ بالتَّكفيرِ، وهذا لا سَبيلَ للزَّوجِ إلى رفْعِه بحالٍ، ولأنَّهُ ضرَرٌ وإضرارٌ بنفْسِه وبامرأتِهِ مِنْ غيرِ حاجةٍ، فيَدخلُ في عمومِ النَّهيِ، ورُبَّما كانَ وسيلةً إلى عَودِهِ إليها حرامًا أو بِحيلةٍ لا تُزيلُ التَّحريمَ ووقوعَ النَّدمِ وخسارةَ الدُّنيا والآخرةِ،


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٤٠٣، ٤٠٦) رقم (١٢٣١).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٣١٠، ٣١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>