للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


أصحابُه قالوا: يا رَسولَ الله، قد علِمنا كيف نسَلِّمُ عليك، فكيف نصلِّي عليكَ؟ عَلَّمَهم، ولا يُوجدُ في أي حديثٍ صَحيحٍ أنه علَّمهم إضافةَ كلمةِ: «سيِّدِنا»، فضلًا على أن تَكونَ شعارًا، بحيث لا يُذكَرُ النبيُّ إلا وتُوضعُ قَبلَه هذه الكلمةُ، ونحن نؤمنُ بثُبوتِ هذه الصفةِ للنبيِّ ، ولا ننكرُها، بل هو سيدُ ولدِ آدمَ، لكن يجبُ أن نفهمَ أن هذا لا يقالُ في أمرٍ تعبُّديٍّ، فلا يقالُ في الصلاةِ، ولا يقالُ في الأذانِ، كما تَفعَلُه بعضُ الدُّولِ، وإذا قيلت اللفظةُ فلا تقالُ على سبيلِ اللقبِ، ولا بأسَ أن يقالَ في خارجِ الصلاةِ والأذانِ، كما لو كَانَ في موعظةٍ أو في درسٍ أو في مقالةٍ، فلا مانعَ أن يقَالَ: سيِّدُ المرسلينَ ، لكن لا على سبيلِ الالتزامِ المُطلَقِ الذي يُجعَلُ شِعارًا.
إذًا فهذه الصِّفة ثبتت للنبيِّ ، لكنها لا تدخُلُ في أيِّ أمرٍ تعبَّدنا به، جاءت صفتُه الشرعيةُ التعبديةُ منقولةً عن النبيِّ صَحيحةً بدونِ هذه الصِّفةِ.
الأمرُ الثاني: أننا إذا قُلنا: نشهدُ أنَّ محمدًا عَبدُه ورسولُه، أو إذا قُلنا: قالَ رَسولُ اللهِ ، قلتُم: لا؛ بل قولوا: سيِّدُنا رَسولُ اللهِ ، هذه أبلَغُ!
فنقولُ: أولًا: تعظيمُه لا يكونُ إلا بما ورَد عندَ البُخاريِّ ومُسلِمٍ وغيرِهما كالإمامِ أَحمَدَ.
فلم يَرِد مثلًا عندَ أَحمَدَ في «مسنده»: عن أَبِي هُرَيرَةَ عن سيدِنا مُحمَّدٍ ! وهمُ السَّلَفُ الصالحُ الذين يَعرفونَ النبيَّ ويحبُّونَه ويقدِّرونه أعظمَ منا، مع أنهم لم يُنكروا أنَّه سيدُ ولدِ آدمَ، كما جَاءَ في الحَديثِ، ولكنَّهم لم يستخدِموه شعارًا ولَقَبًا، فنقِفُ حيثُ وقفَ القومُ. والأمرُ الآخَرُ الذي يُظهِرُ أنَّ هذا اللفظَ ليس فيه زيادةُ توقيرٍ، ولا زيادةُ تعظيمٍ للنبيِّ ؛ أنَّ العربَ وجميعَ الأممِ تسمِّي كلَّ من يتزعَمُها سيِّدًا لها، كَانَ يُقَالَ: أبو سفيانُ سيِّدُ قريشٍ، والأقرعُ بن حابسٍ سيِّدُ بني تَميمٍ، وفلانٌ سيدُ بنى حَنيفةَ، وفُلانٌ سيِّدُ بنى كذا مِنْ قبائلِ العربِ، فليس هناك غرابةٌ أن يقَالَ: فُلانٌ سيدُ قبيلةٍ، أو أُمَّةٍ من الأُممِ، بل لما جَاءَ الرسلُ منَ الفُرسِ إِلَى الرَسولِ ، وكانوا يحلِقونَ اللحيةَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>