إذًا فهذه الصِّفة ثبتت للنبيِّ ﷺ، لكنها لا تدخُلُ في أيِّ أمرٍ تعبَّدنا به، جاءت صفتُه الشرعيةُ التعبديةُ منقولةً عن النبيِّ ﷺ صَحيحةً بدونِ هذه الصِّفةِ. الأمرُ الثاني: أننا إذا قُلنا: نشهدُ أنَّ محمدًا عَبدُه ورسولُه، أو إذا قُلنا: قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ، قلتُم: لا؛ بل قولوا: سيِّدُنا رَسولُ اللهِ ﷺ، هذه أبلَغُ! فنقولُ: أولًا: تعظيمُه ﷺ لا يكونُ إلا بما ورَد عندَ البُخاريِّ ومُسلِمٍ وغيرِهما كالإمامِ أَحمَدَ. فلم يَرِد مثلًا عندَ أَحمَدَ في «مسنده»: عن أَبِي هُرَيرَةَ عن سيدِنا مُحمَّدٍ ﷺ! وهمُ السَّلَفُ الصالحُ الذين يَعرفونَ النبيَّ ﷺ ويحبُّونَه ويقدِّرونه أعظمَ منا، مع أنهم لم يُنكروا أنَّه سيدُ ولدِ آدمَ، كما جَاءَ في الحَديثِ، ولكنَّهم لم يستخدِموه شعارًا ولَقَبًا، فنقِفُ حيثُ وقفَ القومُ. والأمرُ الآخَرُ الذي يُظهِرُ أنَّ هذا اللفظَ ليس فيه زيادةُ توقيرٍ، ولا زيادةُ تعظيمٍ للنبيِّ ﷺ؛ أنَّ العربَ وجميعَ الأممِ تسمِّي كلَّ من يتزعَمُها سيِّدًا لها، كَانَ يُقَالَ: أبو سفيانُ سيِّدُ قريشٍ، والأقرعُ بن حابسٍ سيِّدُ بني تَميمٍ، وفلانٌ سيدُ بنى حَنيفةَ، وفُلانٌ سيِّدُ بنى كذا مِنْ قبائلِ العربِ، فليس هناك غرابةٌ أن يقَالَ: فُلانٌ سيدُ قبيلةٍ، أو أُمَّةٍ من الأُممِ، بل لما جَاءَ الرسلُ منَ الفُرسِ إِلَى الرَسولِ ﷺ، وكانوا يحلِقونَ اللحيةَ =