للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلَّقَها بكِنايةِ الطَّلاقِ -كقَولِه: «أنتِ بائنٌ، أو حَرامٌ»، أو على صِفةٍ كقَولِه: «إنْ دَخلْتِ الدَّارَ فأنتِ طالِقٌ» فدَخلَتْها، أو قالَ: «كلُّ نِسائي طوالِقٌ» - لم تُطلَّقْ في هذهِ الأحوالِ الثَّلاثِ.

وقالَ مالِكٌ: إنْ طلَّقَها عَقِيبَ خُلعِه حتَّى اتَّصل طَلاقُه بخُلعِه طُلِّقَتْ، وإنِ انفَصلَ عن خُلعِه لَم تُطلَّقْ.

وقالَ الحسَنُ البَصريُّ: إنْ طلَّقَها في مَجلسِ خُلعِه طلِّقَتْ، وإنْ طلَّقَها في غيرِه لم تطلَّقْ، واستَدلَّ مَنْ نصَرَ قولَ أبي حَنيفةَ بقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ﴾ [البقرة: ٢٢٩] إلى قولِه: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] يُريدُ الخُلعَ، ثمَّ قالَ: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٠]، فدلَّ على أنَّ الطَّلاقَ بعْدَ الخُلعِ واقِعٌ.

ورَوى أبو يُوسفَ في «أمالِيه» عَنْ النَّبيِّ أنه قالَ: «المُختلِعةُ يَلحقُها الطَّلاقُ ما دامَتْ في العدَّةِ»، ولأنها مُعتدَّةٌ مِنْ طَلاقٍ فوجَبَ أنْ يَلحقَها ما بَقيَ مِنْ عَددِ الطَّلاقِ كالرَّجعيةِ، ولأنَّ الطَّلاقَ كالعتقِ؛ لسَراينِهما وجَوازِ أخذِ العوضِ عليهما، والخُلعُ كالكتابةِ؛ لثُبوتِ العِوضِ فيهما، ثمَّ ثبَتَ أنَّ المُكاتَبَ إذا أُعتقَ صحَّ عِتقُه؛ لبَقايا أحكامِ المِلكِ، وجَبَ إذا طلَّقَتِ المُختلِعةُ أنْ يَصحَّ طَلاقُها؛ لِبَقايا أحكامِ النِّكاحِ، ولأنَّ المُختلِعةَ كالمُتظاهَرِ منها؛ لِتَحريمِها وبقايا أحكامِ نِكاحِها، فلمَّا صَحَّ طلاقُ المُتظاهَرِ منها وجَبَ أنْ يَصحَّ طلاقُ المُختلِعةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>