للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُويَ أنَّ رَسولَ اللهِ لمَّا قالَ لامرأةِ ثابتِ بنِ قَيسِ بنِ شمَّاسٍ: «أتَردِّينَ عَليهِ حديقتَهُ؟ فقالَتْ: نعَمْ وزِيادةً، قالَ: أمَّا الزِّيادةُ فلا» نهَى عَنْ الزِّيادةِ معَ كَونُ النُّشوزِ مِنْ قِبلِها، وبهِ تَبيَّنَ أنَّ المُرادَ مِنْ قولِه: ﴿فِيمَا افْتَدَتْ﴾ [البقرة: ٢٢٩] قدْرُ المَهرِ لا الزِّيادةُ عليهِ، وإنْ كانَ ظاهِرُه عامًّا عرَفْنا ببَيانِ النَّبيِّ الَّذي هو وَحيٌّ غَيرُ مَتلوٍّ.

والدَّليلُ عليهِ أيضًا قَولُه تعالَى في صَدرِ الآيةِ: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا﴾ [البقرة: ٢٢٩] ذكَرَ في أوَّلِ الآيةِ ما آتاها، فكانَ المَذكورُ في آخِرِها -وهوَ قولُه: ﴿فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ - مَردودًا إلى أوَّلِها، فكانَ المُرادُ مِنْ قولِه: ﴿فِيمَا افْتَدَتْ﴾ أي: بما آتاها، ونحنُ بهِ نقَولُ أنه يَحلُّ لهُ قَدرُ ما آتاها.

وأمَّا قولُه: «أنها أعطَتْه مالَ نَفسِها بطِيبةٍ مِنْ نَفسِها» فنعَمْ، لكنَّ ذاكَ دَليلُ الجَوازِ، وبهِ نَقولُ أنَّ الزِّيادةَ جائزةٌ في الحُكمِ والقَضاءِ، ولأنَّ الخُلعَ مِنْ جانِبِها معاوَضة حالة عن الطَّلاقِ، وإسقاطُ ما عليها مِنْ المِلكِ ودَفعُ المالِ عِوضًا عمَّا ليسَ بمالٍ جائِزٌ في الحُكمِ إذا كانَ ذلكَ ممَّا يُرغَبُ فيهِ، ألَا تَرى أنَّه جازَ العِتقُ على قليلِ المالِ وكَثيرِه، وأخذُ المالِ بدَلًا عَنْ إسقاطِ المِلكِ والرِّقِّ، وكذلكَ الصُّلحُ عَنْ دَمِ العمدِ، وكذلكَ النِّكاحُ لمَّا جازَ على أكثَرَ مِنْ مَهرِ مثلِها وهو بدَلُ البُضعِ فكذا جازَ أنْ تَضمَنَه المرأةُ بأكثَرَ مِنْ مَهرِ مِثلِها؛ لأنه بَدلٌ مِنْ سَلامةِ البُضعِ في الحالَينِ جَميعًا، إلَّا أنه نهَى عَنْ الزِّيادةِ على قَدرِ المهرِ لا لمَعنًى في نَفسِ العَقدِ؛ بلِ المَعنى في غَيرِه، وهو شُبهةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>