للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممَّا أعطاها، وهوَ قَولُ الحسَنِ البَصريِّ وسَعيدِ بنِ المُسيِّبِ وسَعيدِ بنِ جُبيرٍ وطاوُسٍ.

وذكَرَ في «الجامِع الصَّغير» أنها غيرُ مَكروهةٍ، وهوَ قولُ عُثمانَ البَتيِّ، وبهِ أخَذَ الشَّافعيُّ.

وجهُ هذهِ الرِّوايةِ ظاهِرُ قولِه تعالَى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] رفَعَ الجُناحَ عنهُما في الأخذِ والعَطاءِ مِنْ الفداءِ مِنْ غيرِ فَصلٍ بينَ ما إذا كانَ مَهرَ المِثلِ أو زِيادةً عليهِ، فيَجبُ العملُ بإطلاقِ النَّص، ولأنها أعطَتْ مالَ نَفسِها بطِيبةٍ مِنْ نَفسِها، وقَد قالَ اللهُ تعالَى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)[النساء: ٤]، بخِلافِ ما إذا كانَ النُّشوزُ مِنْ قِبلِه؛ لأنَّ النُّشوزَ إذا كانَ مِنْ قِبلِ الزَّوجِ كانَتْ هي مَجبورةً في دَفعِ المالِ؛ لأنَّ الظَّاهرَ أنها معَ رَغبتِها في الزَّوجِ لا تُعطِي إلَّا إذا كانَتْ مُضطرةً مِنْ جهتِه بأسبابٍ أو مغتَرَّةً بأنواعِ التَّغريرِ والتَّزويرِ، فكُرهَ الأخذُ.

وجهُ رِوايةِ الأصلِ قولُه تعالَى: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] إلى قَولِه: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ نهَى عَنْ أخذِ شيءٍ ممَّا أعطاها مِنْ المَهرِ واستَثنى القدْرَ الَّذي أعطاها مِنْ المَهرِ عندَ خَوفِهما ترْكَ إقامةِ حُدودِ اللهِ على ما نَذكرُ، والنَّهيُ عَنْ أخذِ شيءٍ مِنْ المَهرِ نهيٌ عَنْ أخذِ الزِّيادةِ على المَهرِ مِنْ طريقِ الأَولى، كالنَّهيِ عن التَّأفيفِ أنه يَكونُ نهيًا عن الضَّربِ الَّذي هو فَوقَه بالطَّريقِ الأَولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>