للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استِردادَه، لأنَّ الزَّوجَ أسقَطَ مِلكَه عنها بعِوضٍ رَضيَتْ بهِ، والزَّوجُ مِنْ أهلِ الإسقاطِ والمَرأةُ مِنْ أهلِ المُعاوَضةِ والرِّضا، فيَجوزُ في الحُكمِ والقَضاءِ.

وإنْ كانَ النُّشوزُ مِنْ قبَلِها أو خافَا لسُوءِ خلُقِها أو بُغضِ كلِّ واحدٍ منهُما لصاحبِه جازَ لهُ أنْ يأخُذَ ما أعطاها لا يَزدادَ، ويُكرهُ لهُ أنْ يأخُذَ أكثرَ ممَّا أعطاها؛ لِما رَواهُ أبو داودَ في المَراسيلِ عن عَطاءٍ قالَ: جاءَتِ امرأةٌ إلى النَّبيِّ تَشكُو زوْجَها، فقالَ: «أتَردِّينَ عليهِ حَديقتَه؟ قالَتْ: نَعمْ وزِيادةً، قالَ: أمَّا الزِّيادةُ فلا» (١)، ولأنَّه لا يُملِّكُها شيئًا، إنَّما يَرفعُ العَقدَ فيَحلُّ له أنْ يأخُذَ منها قدْرَ ما ساقَ إليها بالعقدِ، ولا يَحلُّ له الزِّيادةُ على ذلكَ.

لكنَّ اللَّائقَ بحالِ المُسلمِ أنْ يأخُذَ ناقِصًا مِنْ المَهرِ حتَّى لا يَخلوَ الوَطءُ عن المالِ (٢).

وأمَّا قَولُه تعالَى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)[النساء: ٤] فهذا في غيرِ حالِ الخُلعِ، بل في حالِ الرَّضا بتَركِ المَهرِ بطيبةٍ مِنْ نَفسِها بهِ، وقَولُ مَنْ قالَ: «إنهُ لمَّا أجازَ أخْذَ مالِها بغيرِ خُلعٍ فهو جائزٌ في الخُلعِ» خطأٌ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى قد نَصَّ على المَوضعَينِ في أحَدِهما بالحَظرِ وهو قولُه تعالَى: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ﴾ [النساء: ٢٠] وقولُه تعالَى: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا


(١) رواه أبو داود في «المراسيل» (٢٣٥)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٤٦٢١).
(٢) «مجمع الأنهر» (٢/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>