للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ سُفيانُ بنُ عُيينةَ: ما قدِمَ مَكةَ رَجلٌ في وقتِنا أكثرَ صَلاةً من أَبي حَنيفةَ (١).

ورَوى الخَطيبُ بسندِه أَبياتًا مدَحَ فيها ابنُ المُبارَكِ أَبا حَنيفةَ فقالَ:

رَأيتُ أَبا حَنيفةَ كلَّ يَومٍ … يَزيدُ نَبالةً ويَزيدُ خَيرا

ويَنطقُ بالصَّوابِ ويَصطفيهِ … إذا ما قالَ أهلُ الجَورِ جُورا

يُقايسُ مَنْ يُقايسُه بلُبٍّ … فمَن ذا يَجعلُونَ له نَظيرَا

كَفانا فَقدَ حَمادٍ وكانَت … مُصيبتُنا به أَمرًا كَبيرَا

فردَّ شَماتةَ الأَعداءِ عنَّا … وأَبدَى بعدَه عِلماً كَثيرَا

رَأيتُ أَبا حَنيفةَ حينَ يُؤتى … ويُطلبُ عِلمُه بَحرًا غَزيرَا

إذا ما المُشكلاتُ تَدافَعتْها … رِجالُ العِلمِ كانَ بها بَصيرَا (٢)

وبعدُ: فلَسْنا معَ مُتعصبَةِ الأَحنافِ الذين يَرفَعونَ الإمامَ أَبا حَنيفةَ فوقَ جميعِ عُلماءِ الأُمةِ، أو الذين يَعتقِدونَ أنَّ رَسولَ الله بشَّرَ به، وأنَّه لقِيَ جَمعًا من الصَّحابةِ ورَوى عنهم، كما أنَّنا كذلك لَسْنا معَ الذين يَطعَنونَ فيه ويُجرِّحونَه، ويَنسُبونَ إليه الأَقاويلَ الشَّنيعةَ ظُلمًا وبُهتانًا، بل نَعتقِدُ أنَّه إمامٌ من أَئمةِ المُسلِمينَ، طيِّبُ السِّيرةِ والسَّريرةِ، سارَت بعُلومِه الرُّكبانُ، وانتَشرَ عِلمُه في سائرِ البُلدانِ، ونُشهِدُ اللهَ ﷿ على حبِّنا له، وهو


(١) «تاريخ بغداد» (١٣/ ٣٥٣).
(٢) «تاريخ بغداد» (١٣/ ٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>