للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ في قَولٍ إلى أنَّ خُلعَ المَريضةِ مرَضَ المَوتِ جائِزُ على ورَثتِها إذا خالعَتْ بخُلعِ مِثلِها، رَوى ذلكَ ابنُ وهبٍ عَنْ مالكٍ، فعلى هذِه الرِّوايةِ غلَّبَ الخُلعَ على حقِّ الوَرثةِ وجعَلَه كبَيعِها وشرائِها يَجوزُ إذا لم يَكنْ فيهِ مُحاباةٌ بأنْ تُخالِعَ بأكثرَ مِنْ خُلعِ مِثلِها (١).

وفي قَولٍ ثالِثٍ للمالِكيةٍ أنه لا يَجوزُ خُلعُ المَريضةِ مِنْ غيرِ تَفصيلٍ، وهو ظاهِرُ قَولِ مالِكٍ في «المُدوَّنة» وكتابِ ابنِ الموَّازِ، ووجهُ هذا القَولِ أنَّ ما خالعَتْ بهِ في مَرضِها أرادَتْ أنْ يأخُذَهُ الزَّوجُ رأس مالِها عاشَتْ أو ماتَتْ، وهو غيرُ وارثٍ، فوجَبَ أنْ يَبطلَ، وإنْ كانَ أقلَ مِنْ مِيراثِه عاشَتْ أو ماتَتْ، وهو غَيرُ وارِثٍ فوجَبَ أنْ يَبطلَ وإنْ كانَ أقلَّ مِنْ مِيراثِه مِنها (٢).

وذهَبَ الشَّافعيةُ إلى أنَّ الزَّوجةَ إذا خالعَتْ زوْجَها في مرَضِ موتِها بمَهرِ المِثلِ أو دُونه صحَّ وكانَ مِنْ رأسِ مالِها ولو أكثَرَ مِنْ الثُّلثِ؛ لأنَّ الَّذي بذَلَتْه بقيمةِ ما ملكَتْه، فهو كما لو اشتَرتْ بهِ متاعًا بقيمتِه، ولأنَّ لها صرْفَ مالِها في أغراضِها ومَلاذِّها، كما للمَريضِ أنْ يَنكحَ أبكارًا بمُهورِ أمثالِهنَّ مِنْ غيرِ حاجةٍ.

وإنْ خالعَتْ بأكثرَ مِنْ مَهرِ المِثلِ اعتُبرتِ الزِّيادةُ مِنْ الثُّلثِ؛ لأنها مُحاباةٌ فاعتُبِرتْ مِنْ الثُّلثِ، كما لو اشتَرتْ مَتاعًا بأكثَرَ مِنْ قيمتِه، فالزِّيادةُ كالوَصيَّةِ


(١) «البيان والتحصيل» (٥/ ٢٩١)، و «القوانين الفقهية» (١/ ١٥٥).
(٢) «المدونة» (٥/ ٣٥١، ٣٥٢)، و «البيان والتحصيل» (٥/ ٢٩١)، و «القوانين الفقهية» (١/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>