للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففعَلَ صحَّ الخُلعُ واستَحقَّ المِلكَ، ولو قالَ: «على هذا الألفِ» ولم يَضمنْ ولم يُضِفْ إلى نَفسِه لم يقَعْ وكانَ مَوقوفًا على قَبولِ المَرأةِ.

ورُويَ عَنْ عيسَى بنِ أبانَ عَنْ إسماعيلَ بنِ حمَّادٍ عَنْ مُحمدٍ أنَّه يَستحقُّ الألفَ، وأنَّه بمَنزلةِ إضافَتِه إلى نَفسِه (١).

وقالَ القاضي عَبدُ الوَهابِ : يَصحُّ الخُلعُ مِنَ الأجنَبيِّ للزَّوجِ، خِلافًا لأبي ثَورٍ؛ لأنَّ الأجنَبيَّ مِنْ أهلِ المُعاوَضاتِ يَصحُّ منهُ البذلُ في غَيرِ الخُلعِ، فصَحَّ في الخُلعِ كالزَّوجةِ، ولأنَّه لمَّا كانَ للزَّوجِ أنْ يطلَّقَ بغيرِ شَيءٍ كانَ لهُ أنْ يُطلقَ بعِوضٍ على أجنَبيٍّ كالخُلعِ (٢).

وقالَ الإمامَ الماوَرديُّ : قالَ الشَّافعيُّ : (ولَو قالَ لهُ أجنَبيٌّ: «طلِّق فُلانةَ على أنَّ لكَ عليَّ ألفُ دِرهمٍ» ففعَلَ فالألفُ لهُ لازِمةٌ).

قالَ الماوَرديُّ: وهذا كما قالَ، إذا خالَعَه أجنَبيٌّ على طلاقِ زَوجتِه؛ فإنْ كانَ بإذنِها صَحَّ وكانَ وَكيلًا لها على ما سنَذكُره، وإنْ كانَ الأجنَبيُّ قَدْ خالَعَ بغيرِ إذنِ الزَّوجةِ بمالٍ في ذمَّتِه فقالَ لهُ: «طلِّقْ زوْجتَكَ فُلانةَ بألفِ دِرهمٍ لكَ عَليَّ» صحَّ الخُلعُ ووقَعَ الطَّلاقُ ولزِمَ الأجنبيَّ الألفُ الَّتي بذَلَها، وهو قَولُ الجُمهورِ، وقالَ أبو ثورٍ: الخُلعُ باطِلٌ والطَّلاقُ غيرُ واقعٍ فيهِ؛ استِدلالًا بأنَّ الخُلعَ عَقدُ مُعاوَضةٍ يَملكُ بهِ البُضعَ، والبُضعُ لا يَجوزُ


(١) «شرح فتح القدير» (٤/ ٢٤٠، ٢٤١)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٤٧٢)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ٢٧٤).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٩٤)، رقم (١٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>