للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثابِتًا فقالَ: خُذْ بعضَ مالِها وفارِقْها، فقالَ: ويَصلُحُ ذلكَ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: نعَمْ، قالَ: فإنِّي أصدَقْتُها حَديقتَينِ وهُما بيَدِها، فقالَ النَّبيُّ : خُذْهُما ففارِقْها، ففعَلَ» (١).

والَّذي عليهِ الجُمهورُ مِنْ الفُقهاءِ أنَّه يَجوزُ الخُلعُ مِنْ غيرِ اشتِكاءِ ضَررٍ كما دلَّ عليهِ حَديثُ البُخاريِّ وغيرُه، وأمَّا الآيةُ فلا حُجَّةَ فيها؛ لأنَّ اللهَ ﷿ لم يَذكُرْها على جِهةِ الشَّرطِ، وإنَّما ذكَرَها لأنهُ الغالِبُ مِنْ أحوالِ الخُلعِ، فخرَجَ القَولُ على الغالِبِ، والَّذي يَقطعُ العُذرَ ويُوجِبُ العِلمَ قَولُه تعالَى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)[النساء: ٤] (٢).

وقالَ الإمامُ العَمرانِيُّ : القِسمُ الثَّاني مِنْ المُباحِ: أنْ تكونَ الحالُ مُستقيمةً بيْنَ الزَّوجَينِ ولا يَكرهُ أحَدُهما الآخَرَ فتَراضَيَا على الخُلعِ .. فيَصحُّ الخُلعُ، ويَحلُّ للزَّوجِ ما بذَلَتْ له، وبه قالَ مالِكٌ وأبو حنيفةَ وأكثرُ أهلِ العِلمِ.

وقالَ النَّخَعيُّ والزُّهريُّ وعَطاءٌ وداودُ وأهلُ الظَّاهرِ: لا يَصحُّ الخُلعُ ولا يَحلُّ له ما بذَلَتْه، واختارَه ابنُ المُنذِرِ (٣).

إلَّا أنَّ الحَنابلةَ في المَذهبِ قالُوا بجَوازِه معَ الكَراهةِ؛ لحَديثِ: «أيُّما


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٢٢٨).
(٢) «تفسير القرطبي» (٣/ ١٤٠).
(٣) «البيان» (١٠/ ٨، ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>