للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمِع اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولوا: اللَّهمَّ رَبَّنَا لكَ الحَمدُ» (١)؛ فالنَّبيُّ قَسَمَ بينَهما، والقِسمةُ تُنافِي الشَّرِكَةَ، ولأنَّ التَّسميعَ دُعاءٌ إلى التَّحميدِ، وحقُّ مَنْ دُعِيَ إلى شَيءٍ الإجابَةُ إلى ما دُعِيَ إليه، لا إعادةُ قولِ الدَّاعي.

ولأنَّه ذِكرٌ يَقعُ على وَجهِ المُقابَلَةِ لِكلَامِ الآخَرينَ، فلم يُشارِك فيه التَّابِعُ المَتبوعَ؛ كتَشميتِ العاطِسِ.

ولقولِ النَّبيِّ : «إذا قالَ الإِمَامُ: سمِع اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولوا: اللَّهمَّ رَبَّنَا لكَ الحَمدُ»، فيه دَليلانِ:

أحَدُهما: أنَّه لم يَقُل: فقُولوا: سمِع اللهُ لِمَنْ حَمِدَه.

والآخَرُ: أنَّه قَصد بَيانَ وَجهِ الائتِمامِ به، وبَيانَ كَيفيَّتِه، ومَيَّزَ ما يُفعَلُ فيه مِثلُ فِعلِه، ومَا يُفعَلُ فيه بخِلافِ فِعلِه، ولأنَّه أضافَ إلى كلِّ واحدٍ لَفظًا غيرَ ما أضافَه إلى صاحِبِه؛ فالظَّاهرُ أنَّهما لا يَشتَرِكانِ فيه.

وذَهب الشافِعيَّةُ والصَّاحِبانِ مِنْ الحَنفيَّةِ إلى أنَّ التَّسميعَ والتَّحميدَ سُنَّةٌ لِلجَميعِ: لِلإمامِ والمَأمومِ والمُنفرِدِ.

وذَهب الحَنابلَةُ إلى أنَّ التَّسميعَ واجِبٌ على الإمامِ والمُنفرِدِ دونَ المَأمُومِ، وأنَّ التَّحميدَ واجِبٌ على الجَميعِ، على الإمامِ، والمَأمومِ، والمُنفرِدِ (٢).


(١) رواه البخاري (٧٦٣)، ومسلم (٤٠٩).
(٢) «معاني الآثار» (٢/ ٥٨)، وابن عابدين (١/ ٣٣٤)، و «الإشراف على نُكت مسائل الخلاف» (١/ ٢٧١، ٢٧٢) رقم (١٨٨)، و «حاشية الدُّسوقي» (١/ ٢٤٣)، و «الفواكه الدواني» (١/ ٢٠٩)، و «مُغني المحتاج» (١/ ١٦٥)، و «المغني» (٢/ ٥٧، ٦٢)، و «كشاف القناع» (١/ ٣٤٨)، و «الإفصاح» (١/ ١٨٠)، و «شرح مسلم» (٤/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>