للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلكَ اتَّفقُوا على أنَّه يجوزُ أنْ يكونَ الحكَمانِ مِنْ غيرِهما إذا لم يكنْ مِنْ أهلِهما مَنْ يَصلحُ لذلكَ.

إلَّا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا، هل يُشترطُ أنْ يكونَ الحكَمانِ مِنْ أهليهما عندَ وُجودِهما؟ أم لا يُشترطُ ويَصحُّ مِنْ غيرِ أهليهما معَ وجودِ أهليهما؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الشَّافعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّه لا يُشترطُ أنْ يكونَ الحَكمانِ مِنْ أهلِهما؛ لأنهُما إمَّا وَكيلانِ أو حكَمانِ، والقَرابةُ لا تُشترطُ في الحاكمِ ولا في الوكيلِ، وأنَّ الأمرَ الوارِدَ في ذلكَ في قولِه تعالَى: ﴿فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٣٥] هو أمرُ إرشادٍ واستِحبابٍ لا وُجوبٍ (١).

وقالَ المالِكيةُ: يُشترطُ وُجوبًا كَونُ الحكَمينِ مِنْ أهلِ الزَّوجينِ، حكَمٌ مِنْ أهلِ الزَّوجِ وحكَمٌ مِنْ أهلِ الزَّوجةِ معَ الإمكانِ، ولا يجوزُ للحاكمِ أنْ يَبعثَ أجنَبيينِ معَ وجودِ الأهلِ ولو واحِدًا.

وهل يُنتقضُ الحُكمُ إذا بعَثَ القاضي أجنَبيينِ مع وُجودِهما مِنْ أهلِهما أم لا؟

تَردَّدَ في ذلكَ اللَّخميُّ، قالَ في «التَّوضِيح»: ظاهِرُ الآيةِ أنَّ كَونَهما مِنْ الأهلينَ معَ الوِجدانِ واجِبٌ شَرطًا، وهوَ ما رجَّحَه الدُّسوقيُّ.

واختارَ ابنُ شاسٍ أنَّ ذلكَ مِنْ شُروطِ الكمَالِ.


(١) «البيان» (٩/ ٥٣٤)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٢٣٤)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٢٨)، و «المغني» (٤/ ٧٢٢٤)، و «المبدع» (٧/ ٢١٦)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>