للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ إنِ استمرَّ الإشكالُ والنِّزاعُ بعَثَ الحاكمُ حكَمَينِ مِنْ أهلِهما، أي حكَمًا مِنْ أهلِهِ وحكَمًا مِنْ أهلِها إنْ أمكَنَ، فإنْ لم يُمكِنْ فأجنبيَّينِ (١).

وقالَ الشَّافعيةُ: إنِ ادَّعى كلُّ واحدٍ مِنْ الزَّوجَينِ التَّعدِّي وسوءَ الخلُقِ وقبْحَ السَّيرة وأشكلَ الأمرُ بينَهَما ولم يَعرفِ الحاكمُ المُتعدِّي مِنهما تعرَّفَ القاضي الحالَ الواقعَ بينَهُما بثقةٍ واحدٍ يُخبِرُهما، ويَكونُ الثِّقةُ جارًا لهُما، فإنْ لم يَتيسَّرْ أسكَنَهُما في جَنبِ ثقةٍ يتعرَّفُ حالَهُما ثمَّ يُنهي إليهِ ما يَعرِفُه.

وإذا تبيَّنَ له حالُهُما منَعَ الظالمَ مِنْ عَودِه لظُلمِه بنَهيِه لهُ أولَ مرَّةٍ بلا تَعزيرٍ، وثانيًا بالتَّعزيرِ؛ لأنهُ كالوليِّ في التَّأديبِ فيَحتاطُ لهُ، وفي الزَّوجةِ بالزَّجرِ والتَّأديبِ كَغيرِها.

فإنِ اشتدَّ الشِّقاقُ بينَهُما وذلكَ بأنْ دامَ بينَهُما التَّسابُّ والتَّضاربُ وفَحشَ ذلكَ بعَثَ القاضي وُجوبًا حكَمًا مِنْ أهلِهِ وحكَمًا مِنْ أهلِها ليَنظرَا في أمرِهِما بعدَ اختلاءِ حكَمِه بهِ وحكَمِها بها ومَعرفةِ ما عندَهُما في ذلكَ، ولا يُخفي حكَمٌ عن حكَمٍ شيئًا إذا اجتَمَعا، ويُصلِحا بينَهُما أو يُفرِّقَا بطَلقةٍ إنْ عَسُرَ الإصلاحُ (٢).


(١) «التاج والإكليل» (٣/ ١٠)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢١١)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٩٦، ٩٧)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ٢٣٤).
(٢) «البيان» (٩/ ٥٣٢)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٢٣٣)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٤٢٢، ٤٢٣)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٢٧)، و «الديباج» (٣/ ٣٦٧، ٣٦٨)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٢٢٠)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٤٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>