للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ إساءةَ الخلُقِ تَكثرُ بينَ الزَّوجينِ، والتَّعزيزُ عليها يُورثُ وَحشةً بينَهُما، فيَقتصرُ أوَّلًا على النَّهيِ؛ لَعلَّ الحالَ يَلتئمُ بينَهُما، فإنْ عادَ عزَّرَه وأسكَنَه بجَنبِ ثقةٍ يَمنعُ الزَّوجَ مِنْ التَّعدِّي عليها.

وهل يُحالُ بينَ الزَّوجينِ؟ قالَ الغَزاليُّ: يُحالُ بينَهُما حتَّى يعودَ إلى العَدلِ، ولا يُعتمَدُ قولُه في العَدلِ، وإنَّما يُعتمدُ قولُها وشَهادةُ القَرائنِ. اه.

وفصَّلَ الإمامُ فقالَ: إنْ ظَنَّ الحاكمُ تَعدِّيه ولم يَثبتْ عندَه لم يَحُلْ بينَهُما، وإنْ تَحقَّقَه أو ثبَتَ عندَه وخافَ أنْ يَضربَها ضَربًا مُبرحًا لكَونِه جَسورًا حالَ بينَهُما حتَّى يَظنَّ أنهُ عدَلَ؛ إذْ لو لم يَحُلْ بينَهُما واقتصَرَ على التَّعزيرِ لربَّما بلَغَ منها مَبلغًا لا يُستدرَكُ. اه.

قالَ الخَطيبُ الشّربينيُّ : وهذا ظاهِرٌ، فمَن لم يَذكرِ الحَيلولةَ أرادَ الحالَ الأوَّلَ، ومَن ذكَرَها كالغَزاليِّ و «الحاوي الصِّغير» والمُصنِّفِ في تَنقيحِه أرادَ الثَّاني، والظَّاهرُ كما قالَ شَيخُنا أنَّ الحَيلولةَ بعدَ التَّعزيزِ والإسكانِ (١).

وقالَ الحنابلةُ: إذا وقَعَ بينَ الزَّوجينِ شِقاقٌ وبانَ أنَّه مِنْ الرَّجلِ أسكَنَهما الحاكمُ إلى جانبِ ثقةٍ يَمنعُه مِنْ الإضرارِ بها والتَّعدِّي عليها (٢).


(١) «مغني المحتاج» (٤/ ٤٢٦، ٤٢٧)، ويُنظر: «البيان» (٩/ ٥٣٢)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٢٣٢، ٢٣٣)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٤٢٠، ٤٢١)، و «الديباج» (٣/ ٣٦٧)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٢١٩، ٢٢٠)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٤٥٢).
(٢) «المغني» (٧/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>