وإنْ لم يَكنِ الجِيرانُ قومًا صالحِينَ أمَرَه القاضي أنْ يُحوِّلَها إلى جيرانٍ صالِحينَ، فإنْ أخبَرُوا القاضي بخِلافِ ما قالَتْ أقَرَّها هناكَ ولَم يُحوِّلْها (١).
وقالَ المالكيَّةُ: إذا تَعدَّى الزَّوجُ على زوْجتِه بأنْ كانَ يُضارِرُها بالهَجرِ أو الضَّربِ أو الشَّتمِ وثبَتَ ذلكَ بالبيِّنةِ أو الإقرارِ فلها أنْ تَرفعَ أمْرَهُ إلى الحاكِمِ فيَزجُرَه عن ذلكَ ويَكُفَّه عنها، ويَتولَّى الحاكِمُ زجْرَه باجتِهادِه كما كانَ يَتولَّى الزَّوجُ زجْرَها حينَ كانَ الضَّررُ مِنها، فيَعظُه فإنْ لم يَنْتهِ ضرَبَه كما مرَّ في الزَّوجةِ إنْ جَزَمَ بالإفادةِ أو ظَنَّها.
وقيلَ: يَعظُه أوَّلًا، فإنْ لم يُفِدْ أمَرَها الحاكمُ بهَجرهِ، فإنْ لم يُفِدْ ضرَبَه، وهذا أَولَى؛ لأنَّ هجْرَها لهُ فيهِ مَشقَّةٌ عليهِ، بل رُبَّما كانَ أضرَّ عليهِ مِنْ الضَّربِ.
ومَحلُّ هذا حيثُ لم تُرِدِ التَّطليقَ، وإنَّما أرادَتْ زجْرَهُ وإبقاءَها معَه، وإلَّا فلها التَّطليقُ بالضَّررِ إنْ شَهدَتِ البَيِّنةُ بهِ، ولو لم تَشهدْ بتَكرُّرِه ولو كانَ الضَّررُ مرَّةً واحِدةً فالمَشهورُ أنهُ يَثبتُ للزَّوجةِ الخِيارُ، فإنْ شاءَتْ أقامَتْ على هذهِ الحالةِ، وإنْ شاءَتْ طلَّقَتْ نفْسَها بطَلقةٍ واحدةٍ بائِنةٍ؛ لخبَرِ:«لا ضرَرَ ولا ضِرارَ»، فلو أوقَعَتْ أكثرَ مِنْ واحِدةٍ فإنَّ الزَّائدَ على الواحِدةِ لا
(١) «بدائع الصنائع» (٤/ ٢٣)، و «فتاوى قاضيخان» (١/ ٢١٥)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ٣٤١)، و «عمدة القاري» (١٣/ ٢٧١).