للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالوَعظِ والهَجرِ فلهُ ضربُها؛ لقولِه تعالَى: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] (١).

وقالَ الزَّركشيُّ : وتَقديرُ الآيةِ الكريمةِ على هذا التَّقريرِ عندَ أبي مُحمَّدٍ: (والَّلاتي تَخافُونَ نُشوزَهنَّ فعِظُوهنَّ فإنْ نشَزْنَ فاهجُروهنَّ في المَضاجِعِ فإنْ أصرَرْنَ فاضرِبُوهنَّ) كآيةِ المُحارَبةِ، وفيهِ تَعسُّفٌ، ومُقتَضى كلامِ أبي البَركاتِ وأبي الخطَّابِ أنَّ الوعظَ والهِجرانَ والضَّربَ على ظُهورِ أماراتِ النُّشوزِ، لكنْ على جِهةِ التَّرتيبِ، قالَ المجدُ: إذا بانَتْ أماراتُه زجَرَها بالقولِ، ثمَّ يَهجرُها في المَضجعِ والكَلامِ دونَ ثلاثٍ، ثمَّ يَضربُ غيرَ مُبَرِّحٍ، وهذا ظاهِرُ الآيةِ الكريمةِ، غايتُه أنَّ الواوَ وقَعَتْ للتَّرتيبِ؛ إمَّا لأنَّ ذلكَ مِنْ مُقتضاهُ، أو لدَليلٍ مِنْ خارجٍ، وهو أنَّ المَقصودَ زوالُ المَفسدةِ، فيُدفعُ بالأسهلِ فالأسهلِ، فلهُ أنْ يَضربَها ضَربًا غيرَ مُبرحٍ، فأجازَ ضرْبَها بمُجرَّدِ العِصيانِ، وهوَ مُقتضَى الحديثِ السَّابِقِ، وقد قالَه النَّبيُّ في خُطبتِه بعَرفةَ، ولو تَرتَّبَ الضَّربُ على الهِجرانِ لبيَّنُه؛ لأنَّه وقتُ حاجةٍ؛ لتفرُّقِ النَّاسِ ورُجوعِهم إلى أوطانِهم، واللهُ أعلَمُ (٢).

وقالَ الوزيرُ ابنُ هُبيرةَ : واتَّفقُوا على أنهُ يَجوزُ للرَّجلِ أنْ يَضربَ زوْجتَه إنْ نشَزَتْ بعدَ أنْ يَعظَها ويَهجرَها في المضجَعِ.

واختَلفُوا هل يَجوزُ له ضربُها في أوَّلِ النُّشوزِ؟ فقالُوا: لا يَجوزُ،


(١) «المغني» (٧/ ٢٤٢).
(٢) «شرح الزركشي» (٢/ ٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>