للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوقَ ثلاثةِ أيَّامٍ» (١)، وفي لَفظٍ: «لا يَحلُّ لمُسلِمٍ أنْ يَهجُرَ أخاهُ فَوقَ ثلاثٍ، فمَن هجَرَ فوقَ ثلاثٍ فماتَ دخَلَ النَّارَ» (٢).

وهل هُجرانُها في الكَلامِ حَرامٌ أم مَكروهٌ؟ في وَجهانِ عنِ الإمامِ، قالَ الإمامُ: وعندي أنهُ لا يَحرمُ الامتناعُ مِنْ الكَلامِ أبدًا، نعمْ إذا كلَّمَ فعليهِ أنْ يُجيبَ كجَوابِ السَّلامِ وابتِدائِه، قالَ الرَّافعيُّ: ولمَن قالَ بالتَّحريمِ أنْ يَقولَ: لا منْعَ مِنْ تَركِ الكَلامِ بلا قَصدٍ، أمَّا إذا قصَدَ الهِجرانَ فحَرامٌ، كما أنَّ الطِّيبَ ونَحوَه إذا ترَكَه الإنسانُ بلا قَصدٍ لا يأثَمُ، ولو قصَدَ بتَركِه الإحدادَ أَثِمَ، وحُكِيَ عنِ الشَّافعيِّ أنهُ لو هجَرَها بالكَلامِ لم يَزِدْ على ثلاثةِ، فإنْ زادَ أَثِمَ، قالَ ابنُ الرِّفعةِ: ومَحلُّ الخِلافِ فَوقُ الثَّلاثِ، أمَّا الثَّلاثُ فلا يَحرمُ قَطعًا.

قالَ النَّوويُّ: الصَّوابُ الجَزمُ بتَحريمِ الهِجرانِ فيما زادَ على ثلاثةِ أيامٍ، وعَدمُ التَّحريمِ في الثَّلاثِ؛ للحَديثِ الصَّحيحِ: «لا يَحِلُّ لمُسلمٍ أنْ يَهجُرَ أخاهُ فَوقَ ثَلاثٍ».

وهذا في الهِجرانِ لغيرِ عُذرٍ شَرعيٍّ، فإنْ كانَ عُذرٌ بأنْ كانَ المَهجورُ مَذمومَ الحالِ لبِدعةٍ أو فِسقٍ أو نَحوِهما، أو كانَ فيهِ صَلاحٌ لدِينِ الهاجِرِ أو المَهجورِ فلا يَحرمُ، وعلى هذا يُحمَلُ ما ثبَتَ مِنْ هَجرِ النبيِّ


(١) رواه البخاري (٦٠٦٥)، ومسلم (٢٥٥٩).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤٩١٤)، وأحمد (٩٨٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>