للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَفعٍ» (١)، ورُويَ أنَّه كانَ يُكبِّرُ وهو يَهوِي، والواوُ لِلحالِ، ولأنَّ الذِّكرَ سُنَّةٌ في كلِّ رُكنٍ ليَكونَ مُعَظِّمًا للهِ تَعالى فيما هو مِنْ أركانِ الصَّلاةِ بالذِّكرِ، كما هو مُعَظِّمٌ بالفِعلِ، فيَزدادَ مَعنى التَّعظيمِ، والانتِقالُ مِنْ رُكنٍ إلى رُكنٍ بمَعنى الرُّكنِ؛ لكَونِه وَسيلةً إليه، فكانَ الذكرُ فيه مَسنونًا.

وقالوا: إنَّه ليس بواجِبٍ؛ لأنَّ النَّبيَّ لم يُعلِّمه المُسيءَ في صَلاتِه، ولا يَجوزُ تَأخِيرُ البَيانِ عن وقتِ الحاجَةِ، ولأنَّه لو كانَ واجِبًا لم يسقُط بالسَّهوِ، كالأركانِ (٢).

وذَهب الحَنابلَةُ في المَشهورِ عندَهم إلى أنَّ تَكبيراتِ الانتِقالِ واجِبةٌ؛ لأنَّ النَّبيَّ أمرَ به وأمرُه لِلوُجوبِ، وفعلَه، وقالَ: «صَلُّوا كما رَأَيتُمُونِي أُصَلِّي». وقد رَوى أبو داودَ عن يَحيَى بنِ خَلَّادٍ عن عَمِّه عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «لَا تَتِمُّ صَلاةٌ لِأَحدٍ مِنْ النَّاسِ حتى يَتوضَّأَ فَيَضَعَ الوُضُوءَ -يَعني مَوَاضِعَه-، ثم يُكبِّرَ وَيَحمدَ اللهَ ﷿ وَيُثنِيَ عليه، وَيَقرأَ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ القُرآنِ، ثم يَقولَ: اللهُ أَكبَرُ، ثم يَركَعَ حتى تَطمَئن مَفَاصِلُه، ثم يَقولَ: سمِع اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، حتى يَستَوِيَ قائِمًا، ثم يَقولَ: اللهُ أَكبَرُ، ثم يَسجُدَ حتى تَطمَئن مَفَاصِلُه، ثم يَقولَ: اللهُ أَكبَرُ، وَيَرفَعَ رَأسَه حتى يَستَوِيَ قاعِدًا، ثم يَقولَ: اللهُ أَكبَرُ، ثم يَسجُدَ حتى تَطمَئن مَفَاصِلُه، ثم يَرفَعَ رَأسَه فَيُكبِّرَ، فإذا فعلَ ذلك فقد تَمَّت صَلاتُه» (٣).


(١) البخاري (٧٥٢)، ومسلم (٣٩٢).
(٢) «معاني الآثار» (٢/ ٥٢)، و «الإشراف على نُكت مسائل الخلاف» (١/ ٢٦٩، ٢٧٠) رقم (١٨٥).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٨٥٨)، والنسائي (١/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>