وقالَ غيرُه: وشَذَّ أهلُ الظَّاهرِ عنِ الجَماعةِ فقالُوا: ليسَ عليهِ أنْ يُخدِمَها إنْ كانَ مُوسِرًا أو كانَتْ ممَّن لا يَخدم مِثلها، وحُجَّةُ الجَماعةِ قولُه: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ١٩]، وإذا احتاجَتْ إلى مَنْ يَخدمُها فلمْ يَفعلْ لم يُعاشِرْها بالمُعروفِ.
وقالَ مالِكٌ واللَّيثُ ومُحمَّدُ بنُ الحَسنِ: يفرضُ لها ولخادِمينِ إذا كانَتْ خطيرةً.
وقالَ الكُوفيُّونَ والشَّافعيُّ: يفرضَ لها ولخادِمِها النَّفقة.
وقولُه:«باب خادِم المَرأةِ» فإنَّ عامةَ الفُقهاءِ مُتفِقونَ أنَّ الرَّجلَ إذا أعسَرَ عن نَفقةِ الخادمِ أنهُ لا يُفرَّقُ بينَه وبينَ امرأتهِ وإنْ كانَتْ ذاتَ قَدرٍ؛ لأنَّ عليًّا لم يُلزِمْه النبيُّ ﵇ إخدامَ فاطِمةَ في عُسرِتِه، ولا أمَرَه أنْ يكفِيَها ما شكَتْ مِنْ الرَّحَى.
قالَ المُهلَّبُ: وفي هذا الحَديثِ مِنْ الفِقهِ أنَّ المرأةَ الرَّفيعةَ القَدرِ يجملُ بها الامتِهانُ في المَشاقِ مِنْ خِدمةِ زَوجِها مثلَ الطَّحنِ وشبَهِه؛ لأنَّه لا أرفَعَ مَنزلةً مِنْ بنتِ رَسولِ اللهِ ﷺ، ولكنَّهم كانوا يُؤثِرونَ الآخِرةَ ولا يَترفَّهونَ عن خِدمتِهم احتِسابًا للهِ وتَواضعًا في عبادَتِه (١).