للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ القَسْمَ مِنْ حُقوقِ النِّكاحِ كالنَّفقةِ، فهُنَّ فيهِ سَواءٌ، لا تَفاوُتَ في ذلكَ بَينَ البِكرِ والثيِّبِ والجَديدةِ والقَديمةِ، كما لا تَفاوُتَ بَينَ المُسلمةِ والكِتابيَّةِ والبالِغةِ والمُراهِقةِ والمَجنونةِ والعاقِلةِ والمَريضةِ والصَّحيحةِ؛ للمُساواةِ بَينَهنَّ في سَببِ هذا الحقِّ وهو الحِلُّ الثَّابتُ بالنِّكاحِ.

وأمَّا قَولُ النَّبيِّ لأُمِّ سلَمةَ : «إنْ شِئتِ سَبَّعتُ لكِ، وإنْ سَبَّعتُ لكِ سبَّعتُ لنِسائِي»، أي: أَعدِلُ بَينكِ وبَينَهنَّ فأجعَلُ لكلِّ واحدةٍ مِنهنَّ سَبعًا كما أَقمْتُ عِندكِ سَبعًا، كانَ كذلكَ أيضًا إذا جعَلَ لها ثَلاثًا جعَلَ لِكلِّ واحدةٍ مِنهنَّ كذلكَ أيضًا.

ومعنَى قَولِهِ : «للبِكرِ سَبعًا وللثيِّبِ ثلاثًا» فالمُرادُ التَّفضيلُ في البُداءةِ بالجَديدةِ دونَ الزِّيادةِ، ولا شكَّ أنَّ الأحاديثَ مُحتمِلةٌ، فلم تَكنْ قَطعيَّةَ الدَّلالةِ، فوجَبَ تَقديمُ الدَّليلِ القَطعيِّ والأحاديثِ المُطلَقةِ.

ويَحتَملُ «ثمَّ أَدورُ بالثَّلاثِ عليهِنَّ جَميعًا»؛ لأنهُ لو كانَتِ الثَّلاثُ حقًّا لها دُونَ سائرِ النِّساءِ لَكانَ إذا أقامَ عِندَها سَبعًا كانَتْ ثلاثٌ مِنهنَّ غَيرُ مَحسوبةٍ عليها، ولَوجَبَ أنْ يَكونَ لسائرِ النِّساءِ أربَعٌ أربَعٌ، فلمَّا كانَ الَّذي للنَّساءِ إذا أقامَ عِندَها سَبعًا سَبعًا لِكلِّ واحِدةٍ مِنهنَّ كانَ كذلكَ إذا أقامَ عندَها ثَلاثًا لكلِّ واحِدةٍ مِنهنَّ ثَلاثٌ ثَلاثٌ، هذا هو النَّظَرَ الصَّحيحُ معَ استِقامةِ تأويلِ هذهِ الآثارِ عليهِ (١).


(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٢٩٥، ٢٩٦)، و «شرح معاني الآثار» (٣/ ٢٩)، و «الهداية» (١/ ٢٢٢)، و «العناية» (٥/ ١٢٠، ١٢١)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٤٣٤)، و «تبييين الحقائق» (٢/ ١٧٩، ١٨٠)، و «البحر الرائق» (٣/ ٢٣٥)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٢٠٦)، و «اللباب» (٢/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>