للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ أحمَدُ في الرَّجلِ تكونُ له المَرأةُ أو الأمَةُ النَّصرانيةُ يَشتري لها زنَّارًا، قالَ: لا، بل تَخرجُ هيَ تَشتري لنَفسِها، فقيلَ لهُ: جارِيَتُه تَعملُ الزَّنانيرَ؟ قالَ: لا.

وقالَ في رِوايةِ مُحمدِ بنِ يَحيى الكحَّالِ وأبي الحارِثِ في الرَّجلِ تكونُ له الجارِيةُ النَّصرانيةُ تَسألُه الخُروجَ إلى أعيادِهِم وكَنائِسِهم وجُمُوعِهم: لا يأذَنُ لها في ذلكَ.

قالَ ابنُ القيِّمِ : وقَد علَّلَ القاضي المَنعَ بأنهُ يَفُوتُ حقُّه مِنْ الاستِمتاعِ، وهو عليها لهُ في كلِّ وَقتٍ، وهذا غَيرُ مُرادِ أحمَدَ، ولا يَدلُّ لَفظُه عليهِ، فإنَّه منَعَه مِنْ الإذنِ لها، ولو كانَ ذلكَ لِحقِّه لَقالَ: لا تَخرجُ إلَّا بإذنِه، وإنَّما وَجهُ ذلكَ أنَّه لا يُعينُها على أسبابِ الكُفرِ وشَعائرِه ولا يأذَنُ لها فيهِ.

قالَ القاضي: وإذا كانَ له مَنعُ المُسلمةِ مِنْ إتيانِ المَساجدِ فمَنعُ الذمِّيةِ مِنْ الكَنيسةِ أَولى.

وهذا دَليلٌ فاسِدٌ؛ فإنهُ لا يَجوزُ له مَنعُ المُسلمةِ مِنْ المَساجِدِ، وأعجَبُ مِنْ هذا أنهُ أَورَدَ الحَديثَ وأجابَ عنهُ بجَوابَينِ فاسِدينِ:

أحَدُهما: أنَّ المُرادَ به صَلاةُ العِيدِ خاصَّةً.

والثَّاني: المُرادُ بهِ مَنعُها مِنْ الحَجِّ إلى المَسجدِ الحَرامِ، ولا يَخفَى بُطلانُ الجَوابَينِ (١).


(١) «أحكام أهل الذمة» (٢/ ٨١٩، ٨٢٠)، و «المغني» (٧/ ٢٢٤، ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>