للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخُروجُ إلَّا بإذنِه إلَّا لضَرورةٍ؛ لأنَّ دَوامَ استِحقاقِه للاستِمتاعِ بها يَمنعُها مِنْ تَفويتِ ذلكَ عليهِ بخُروجِها، ولأنَّ لهُ تَحصينُ مائِه بالمَنعِ مِنْ الخُروجِ، هذا إذا قامَ بحَوائجِها الَّتي لا بُدَّ لها مِنها، وإنْ لم يَقُمْ بحَوائجِها فلا بُدَّ لها مِنْ الخُروجِ للضَّرورةِ ولا تَسقطُ نَفقتُها بهِ (١).

قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : مِنْ أحكامِ النِّكاحِ الصَّحيحِ: مِلكُ الحَبْسِ والقَيدِ، وهو صَيْرُورتُها مَمنوعةً عنِ الخُروجِ والبُروزِ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ﴾ [الطلاق: ٦]، والأمرُ بالإسكانِ نَهيٌ عنِ الخُروجِ والبُروزِ والإخراجِ، إذِ الأمرُ بالفِعلِ نَهيٌ عَنْ ضِدِّه، وقَولِه ﷿: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ [الأحزاب: ٣٣]، وقَولِه ﷿: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ﴾ [الطلاق: ١]، ولأنها لو لم تكنْ مَمنوعةً عنِ الخُروجِ والبُروزِ لاختَلَّ السَّكَنُ والنَّسبُ؛ لأنَّ ذلكَ مِمَّا يُرِيبُ الزَّوجَ ويَحملُه على نَفَي النَّسبِ (٢).

وقالَ الإمامُ القُرطُبِيُّ في قَولِه تعالَى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ [الأحزاب: ٣٣]: مَعنَى هذهِ الآيةِ الأمرُ بلُزومِ البَيتِ، وإنْ كانَ الخِطابُ لنِساءِ النَّبيِّ فقدْ دخَلَ غَيرُهنَّ فيهِ بالمَعنَى، هذا لو لم يَرِدْ دَليلٌ


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٣٣١)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٤٣٧، ٤٣٨)، و «البحر الرائق» (٤/ ٢١٢، ٢١٣)، و «غمز عيون البصائر» (٢/ ١٠٨)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٢/ ٢٥٨، ٢٥٩)، «الحاوي الكبير» (٩/ ٥٨٤، ٥٨٥)، و «البيان» (٩/ ٤٩٩، ٥٠١)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٢٣).
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>