للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ السُّيوطيُّ : «لا تَصُمِ المرأةُ وبَعلُها شاهِدٌ» أي: مُقيمٌ في البلدِ، والمُرادُ صَومُ التَّطوُّعِ، والنَّهيُ للتَّحريمِ صرَّحَ به أصحابُنا (١).

وقالَ الإمامُ زَينُ الدِّينِ العِراقيُّ : وفي صَحيحِ البُخاريِّ: «لا يَحلُّ للمرأةِ أنْ تَصومَ» وهوَ صَريحٌ في تَحريمِ ذلكَ، وبهِ صَرَّحَ الشَّافعيةُ، وحَكاهُ النَّوويُّ في «الرَّوضة» و «شَرح مُسلمٍ» عنْ أصحابِنا، وحَكاهُ في «شَرح المُهذَّب» عن جُمهورِ أصحابِنا، ثمَّ قالَ: وقالَ بعضُ أصحابِنا: يُكرَهُ، والصَّحيحُ الأوَّلُ، قالَ: فلو صامَتْ بغيرِ إذنِ زَوجِها صحَّ باتِّفاقِ أصحابِنا وإنْ كانَ الصَّومُ حَرامًا؛ لأنَّ تَحريمَه لمعنًى آخَرَ لا لمَعنًى يَعودُ إلى نَفسِ الصَّومِ، فهو كالصَّلاةِ في دارٍ مَغصوبةٍ، وقالَ صاحِبُ «البَيان»: قَبولُه إلى اللهِ تعالَى، قالَ النَّوَويُّ: ومُقتضى المَذهبِ في نَظائرِها الجَزمُ بعَدمِ الثَّوابِ، كما في الصَّلاةِ في دارٍ مَغصوبةٍ. انتهى.

ومَن قالَ بالكَراهةِ احتاجَ إلى تأويلِ قَولِه: «لا يَحلُّ» على أنَّ مَعناهُ ليسَ حَلالًا مَستوي الطَّرفينِ، بل هو راجِحُ التَّركِ مَكروهٌ، وهو تأويلٌ بَعيدٌ مُستنكَرٌ، ولو لم يَرِدْ هذا اللَّفظُ فلَفظُ النَّهي الَّذي في صَحيحِ مُسلمٍ ظاهرٌ في التَّحريمِ، وكذا لَفظُ المُصنِّفِ؛ لأنَّ استِعمالَ لَفظِ الخَبَرِ يَدلُّ على تأكيدِ النَّهي، وتَأكُّدهُ يَكونُ بحَملِه على التَّحريمِ، واللهُ أعلَمُ (٢).


(١) «الديباج» (٣/ ١٠٢).
(٢) «طرح التثريب» (٤/ ١٣٤، ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>