للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العُذرُ، وإذا شَكَتْ قِلَّةَ الوَطءِ يُقضَى لها في كُلِّ أربَعِ لَيالٍ بلَيلةٍ؛ لأنَّ لهُ أنْ يَتزوَّجَ أربَعًا، كما أنَّ الصَّحيحَ إذا شَكَا الزَّوجُ قِلَّةَ الجِماعِ أنْ يُقضَى له عليها بما تُطيقُه كالأجيرِ على الرَّاجِحِ، خِلافًا لمَن قالَ: يُقضَى بأربَعِ مَرَّاتٍ في اليَومِ واللَّيلةِ؛ لاختِلافِ أحوالِ النَّاسِ، فقدْ لا تُطيقُ المرأةُ ذلكَ.

وإذا كانَ الزَّوجُ يُكثِرُ الوَطءَ وتَضرَّرتِ المرأةُ فحُكمُها حُكمُ الأجيرِ، تُمكِّنُ نَفسَها ما قَدرَتْ.

وطَلبُ المرأةِ الوَطءَ عندَ الحاكِمِ لا يُناقِضُ الحَياءَ المَمدوحَ ولا المُروءةَ المُستحسَنةَ؛ لأنهُ مَقصودُ النِّكاحِ، فإذا عَقَدتْه عَلِمَ الكلُّ أنهُ له، فإذا تَعذَّرَ جازَ طَلبُه دِينًا وحُسنَ مُروءةٍ (١).

وذهَبَ الشَّافعيةُ إلى أنَّ الجِماعَ لا يَجبُ على الرَّجلِ، قالَ الإمامُ الشَّافعيُّ: الجِماعُ مَوضِعُ تَلذُّذٍ، فلا يُجبَرُ عليه أحَدٌ (٢).

لأنَّ الجِماعَ إنَّما هو مِنْ دَواعِي الشَّهوةِ وخُلوصِ المَحبَّةِ الَّتي لا يَقدرُ على تَكلُّفِها بالتَّصنُّعِ لها، وكما لا يُجبَرُ على جِماعِها فكذلكَ لا يُجبَرُ على مُضاجَعتِها ولا على تَقبيلِها ومُحادثتِها ولا على النَّومِ معها في فِراشٍ واحدٍ؛ لأنَّ كلَّه مِنْ دَواعي الشَّهوةِ والمحبَّةِ الَّتي لا يَقدرُ على تكلُّفِها (٣).


(١) «مواهب الجليل» (٥/ ٢١٩، ٢٢٠)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ٣٤)، و «القوانين الفقهية» (١/ ١٤١)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٨٤).
(٢) «الأم» (٥/ ١٨٩).
(٣) «الحاوي الكبير» (٩/ ٥٧٢، ٥٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>