للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُويَ أنَ النبيَّ قالَ: «إذا اجتمَعَ الدَّاعِيَانِ فأَجِبْ أقرَبَهُما بابًا، فإنَّ أقرَبَهُما بابًا أقرَبُهما جِوارًا، وإنْ سبَقَ أحَدُهما فأَجِبِ الذي سبَقَ» (١).

وقالَ الشافِعيةُ في القَولِ الثانِي: إنهُما إذا تَساويَا في السَّبقِ .. أجابَ أقرَبَهما رَحِمًا، فإنِ استَويَا في الرحِمِ .. أجابَ أقرَبَهما دارًا.

قالَ العَمرانِيُّ : وإنْ ثبَتَ الخبَرُ .. فأقرَبُهما دارًا أَولى؛ لأنه لم يُفرِّقْ بينَ أنْ يكونَ أقرَبَهما رَحِمًا أو أبعَدَ، فإنِ استَويَا في ذلكَ .. أقرعَ بينَهما؛ لأنه لا مَزيةَ لأحَدِهما على الآخَرِ (٢).

وقالَ الحَنابلةُ في المَذهبِ: إنْ دَعاهُ اثنانِ فأكثَرُ وجَبَ عليه إجابةُ الكُلِّ إنْ أمكَنَه الجَمْعُ بأنِ اتَّسعَ الوقتُ، وإلَّا يُمكِنِ الجَمعُ أجابَ الأسبَقَ قَولًا؛ لوُجوبِ إجابتِه بدُعائِه، فلا يَسقطُ بدُعاءِ مَنْ بعدَه، ولأنَّ إجابتَه وجَبَتْ حينَ دَعاهُ، فلمْ يَزُلِ الوُجوبُ بدُعاءِ الثاني، ولم تَجبْ إجابةُ الثاني؛ لأنها غيرُ مُمكِنةٌ معَ إجابةِ الأولِ.

فإنْ لم يَكنْ سَبقٌ حيثُ لم يُمكِنِ الجَمعُ فالأَدْيَنَ مِنْ الدَّاعيينِ؛ لأنه الأكرَمُ عندَ اللهِ، فإنْ استَوَوا في الدِّينِ فالأقرَبَ رَحِمًا؛ لِمَا في تَقديمِه مِنْ صِلتِه.

فإنِ استَوَوا في القَرابةِ أو عَدمِها فالأقربُ جِوارًا؛ لقَولِه : «إذا اجتمَعَ الدَّاعِيَانِ فأَجِبْ أقرَبَهُما بابًا، فإنَّ أقرَبَهُما بابًا أقرَبُهما جِوارًا،


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٣٧٥٦).
(٢) «البيان» (٩/ ٤٨٥، ٤٨٦)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٢٠٨)، و «المغني» (٧/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>