للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ كانَ الشَّرطُ مِنْ جِهتهِ فتَزوَّجَها على أنْ لا يطَأَها فالنِّكاحُ صَحيحٌ؛ لأنَّ له الامتِناعَ عن وَطئِها بغيرِ شَرطٍ، فلم يَكنْ في الشَّرطِ مَنعٌ مِنْ مَوجَبِ العقدِ، ولا يَلزمُه الوفاءُ بالشَّرطِ؛ لقولِ النَّبيِّ : «كُلُّ شَرطٍ ليسَ في كتابِ اللَّهِ فهو باطِلٌ وإنْ كانَ مِائةَ شَرطٍ، كتابُ اللَّهِ أحَقُّ وشَرطُ اللَّهِ أوثَقُ» (١)، وهذا ليسَ في كتابِ اللهِ فكانَ باطِلًا.

وقيلَ: إنَّ النِّكاحَ يَفسدُ مُطلَقًا، سواءٌ اشتَرطَتْ هي أو هو، وهو ما مَشَى عليه في «المِنهاج».

قالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ : (وإنْ أخَلَّ) الشَّرطُ بمَقصودِ النِّكاحِ الأصليِّ (كأنْ) شرَطَ أنْ (لا يطَأَها) الزَّوجُ أصلًا، وأنْ لا يطَأَها إلَّا مرَّةً واحدةً مثلًا في السَّنةِ، أو أنْ لا يطَأَها إلِّا ليلًا فقطْ أو إلِّا نهارًا فقطْ، (أو) أنْ (يُطلِّقَ) ها ولو بعدَ الوطءِ (بطَلَ النِّكاحُ)؛ لأنهُ يُنافي مَقصودَ العقدِ فأبطَلَه.

تَنبيهٌ: ما جَرى عليه المُصنِّفُ مِنْ البُطلانِ فيما إذا شرَطَ عدمَ الوطءِ هو ما صحَّحَه في «المُحرَّر»، وفي «الشَّرح الصَّغِير» أنهُ الأشبَهُ، والَّذي صحَّحَه في «الرَّوضة» وأصلِها و «تَصحِيح التَّنبيه» فيما إذا شرَطَه الصِّحة؛ لأنهُ حَقُّه، فلَه تَركُه والتَّمكينُ عليها، وهذا هو الَّذي عليه الجُمهورُ كما قالَه الأذْرَعيُّ وغَيرُه، وقالَ في «البَحْر»: إنَّه مَذهبُ الشَّافعيِّ (٢).


(١) رواه البخاري (٢٠٤٧)، ومسلم (١٥٠٤).
(٢) «مغني المحتاج» (٤/ ٣٧٢)، ويُنظَر: «الحاوي الكبير» (٩/ ٥٠٧)، و «البيان» (٩/ ٣٩٠)، و «روضة الطالبين» (٥/ ١٢٦)، و «أسنى المطالب» (٣/ ١٥٦)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٣١٩، ٣٢٠)، و «الديباج» (٣/ ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>