للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخِرَقِيُّ فرَّقَ بيْنَهما، فأوجَبَ في التَّسميةِ الفاسِدةِ نِصفَ مَهرِ المِثلِ، وفي المُفوِّضةِ المُتعةَ، وهوَ مَذهبُ الشَّافعيِّ؛ لأنَّ المُفوِّضةَ رَضيَتْ بلا عِوضٍ وعادَ إليها بُضعُها سَليمًا، وإيجابُ نِصفِ المَهرِ لها لا وجْهَ له؛ لأنَّ اللهَ تعالَى أوجَبَ لها المُتعةَ، ففي إيجابِ نِصفِ المَهرِ جَمعٌ بيْنَهما أو إسقاطٌ للمُتعةِ المَنصوصِ عليها، وكِلاهُما فاسِدٌ، وأمَّا الَّتي اشتَرطَتْ لنَفسِها مَهرًا فلم ترْضَ إلَّا بعِوضٍ، ولَم يَحصلْ لها العِوضُ الَّذي اشتَرطَتْه، فوجَبَ لها بَدلُ ما فاتَ عليها مِنَ العِوضِ وهوَ مَهرُ المِثلِ، أو نِصفُهُ إنْ كانَ قبْلَ الدُّخولِ، ولأنَّ الأصلَ وُجوبُ مَهرِ المِثلِ؛ لأنهُ وجَبَ بالعَقدِ، بدَليلِ أنهُ يَستقرُّ بالدُّخولِ والمَوتِ، وإنَّما خُولِفَ هذا في المُفوِّضةِ بالنَّصِّ الوارِدِ فيها، ففِيما عَداها يَبقى على الأصلِ (١).

إلَّا أنَّ المالِكيةَ في المَشهورِ والحَنابلةَ في رِوايةٍ قالُوا بفَسادِ النِّكاحِ إذا كانَ الصَّداقُ ممَّا لا يَجوزُ تَملُّكُه كالخَمرِ والخِنزيرِ والحُرِّ -كما تَقدَّمَ مُفصَّلًا-، إلَّا أنهُم قالُوا: إنِ اطُّلِعَ على ذلكَ قبْلَ الدُّخولِ فُسخَ النِّكاحُ ولا شيءَ لها، وإنِ اطُّلِعَ على ذلكَ بعْدَ البناءِ فلَها صَداقُ المِثلِ (٢).


(١) «المغني» (٧/ ١٧٠، ١٧١)، ويُنظَر: «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٧٧)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢١)، و «الحاوي الكبير» (٩/ ٣٩٤، ٣٩٦)، و «البيان» (٩/ ٣٧٤، ٣٧٥)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٣١٣، ٣١٤)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٣٦٩، ٣٧٠)، و «الديباج» (٣/ ٣١٦، ٣١٧)، و «اختلاف العلماء» للمروزي (١/ ١٨٠)، و «الإفصاح» (٢/ ١٥٢)، و «المبدع» (٧/ ١٤٢)، و «الإنصاف» (٨/ ٢٤٥)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٤٨)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ١٨٠)، و «منار السبيل» (٣/ ٧).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٥٠، ٣٥١)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢١)، و «مواهب الجليل» (٥/ ١٨٦)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٢٦٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ١٤٥)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٠)، و «الإفصاح» (٢/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>