للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرجِها بشَهوةٍ أو قَبَّلَها ولَو بحَضرةِ النَّاسِ؛ لأنَّ ذلكَ نَوعُ استِمتاعٍ فأَوجَبَ المَهرَ كالوَطءِ، ولأنهُ نالَ شَيئًا لا يُباحُ لغَيرِه، ولمَفهومِ قَولِه تعالَى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٧] الآيَة، وحَقيقةُ اللَّمسِ التِقاءُ البَشرَتَينِ.

ولا يَتقرَّرُ الصَّداقُ بالنَّظَرِ إليها دُونَ فَرجِها؛ لأنهُ ليسَ مَنصوصًا عليهِ، ولا في مَعنَى المَنصوصِ عليهِ، ولا يُقرِّرُه أيضًا تَحمُّلُها ماءَ الزَّوجِ -أي مَنيَّهُ- مِنْ غَيرِ خَلوةٍ منهُ بها ولا وَطءٍ؛ لأنهُ لا استِمتاعَ منهُ بها فيهِ.

ويَثبُتُ بتَحمُّلِها ماءَهُ النَّسبُ، فإذا تَحمَّلَتْ بمائِهِ وأتَتْ بوَلدٍ لستَّةٍ أشهرٍ فأكثرَ لَحِقَه نَسبُه (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : إنِ استَمتَعَ بامرَأتِه بمُباشَرةٍ فيما دُونَ الفَرجِ مِنْ غَيرِ خَلوةٍ كالقُبلةِ ونَحوِها فالمَنصوصُ عَنْ أحمَدَ أنهُ يَكمُلُ بهِ الصَّداقُ، فإنهُ قالَ: إذا أخَذَها فمَسَّها وقبَضَ عليها مِنْ غَيرِ أنْ يَخلُوَ بها لها الصَّداقُ كامِلًا إذا نالَ مِنها شَيئًا لا يَحِلُّ لغَيرِهِ، وقالَ في رِوايةِ مُهنَّا: إذا تَزوَّجَ امرَأةً ونَظَرَ إليها وهيَ عُريانةٌ تَغتسلُ أُوجِبُ عليهِ المَهرَ، ورَواهُ عَنْ إبراهيمَ: إذا اطَّلعَ مِنها على ما يَحرُمُ على غَيرِه فعَليهِ المَهرُ؛ لأنهُ نَوعُ استِمتاعٍ فهوَ كالقُبلةِ.

قالَ القاضي: يَحتمِلُ أنَّ هذا يَنبَني على ثُبوتِ تَحريمِ المُصاهَرةِ بذلكَ، وفيهِ رِوايتانِ، فيَكونُ في تَكميلِ الصَّداقِ بهِ وَجهانِ:


(١) «كشاف القناع» (٥/ ١٦٩، ١٧٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٢٦٦)، و «منار السبيل» (٣/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>