للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ كُنَّ يُنكَحنَ بمُؤجَّل كُلّهِ أو بصَداقٍ بَعضُه مُؤجَّلٌ وبَعضُه حالٌّ … لم يُؤجِّلْه الحاكِمُ، بل ينقصُ ما يَليقُ بالأجلِ، بأنْ كانَ عادةُ نِساءِ عصَباتِها التَّأجيلَ في المَهرِ … فإنهُ لا يَجبُ لها المَهرُ مُؤجَّلًا بل يَجبُ حالًّا، وينقصُ منهُ لأجْلِ التَّأجيلِ؛ لأنَّ القِيَمَ لا تكونُ مُؤجَّلةُ. قالَ الماوَردِيُّ: إلَّا إذا وجَبَ لها مَهرُ المِثلِ فلم تَطلُبْه حتَّى مُضيِّ قَدرِ أجَلِهنَّ … فيَجبُ قَدرُ مُؤجَّلِهنَّ حالًّا.

وتَقادُمُ العَهدِ لا يُوجِبُ سُقوطَ مَهرِ المثلِ، كما لا تَسقطُ قِيَمُ الأموالِ وإنِ احتِيجَ فيها إلى مَعرفةِ الصِّفاتِ وعَسرَ الوُقوفُ عليها إذا تَقادَمَ العَهدُ.

ويُعتبَرُ مَهرُها في النِّكاحِ الفاسِدِ يومَ الوَطءِ كالوَطءِ بالشُّبهةِ، لا يومَ العَقدِ؛ إذ لا حُرمةَ للعَقدِ الفاسِدِ (١).

وقالَ الحَنابلةُ: يَجبُ مَهرُ المثلِ حالًّا؛ لأنهُ بَدلَ مُتلَفٍ، فأشبَهَ قِيَمَ المُتلَفاتِ، ولا يكونُ إلِّا مِنْ نَقدِ البَلدِ إذا لم يكنْ لَهم عادةٌ.

فإنْ كانَتْ عادةُ نِسائِها تأجيلَ المَهرِ ففيهِ وَجهانِ:

أحدُهما: يُفرَضُ حالًّا لذلكَ.

والثَّاني -وهوَ الصَّحيحُ-: يُفرَضُ مُؤجَّلًا؛ لأنَّ مَهرَ مِثلِها مُؤجَّلٌ، وإلَّا بأنْ لم يكنْ عادتُهم التَّأجيلَ فُرضَ حالًّا؛ لأنهُ بَدَلُ مُتلَفٍ، فوجَبَ أنْ يكونَ حالًّا كقِيَمِ المُتلَفاتِ.


(١) «البيان» (٩/ ٤٥٣)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٢١٠)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٣٣٨)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٣٨١)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٤٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>