للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا الذِّمِّيةُ عندَ الشَّافعيةِ والحَنابلةِ كالمُسلِمةِ أو كما لو سَمَّى لها، ولأنَّ المُسلِمةَ والذِّمِّيةَ لا يَختلِفانِ في الصَّداقِ في مَوضِعٍ، فيَجبُ أنْ لا يَختلفَا هاهُنا (١).

وذهَبَ الإمامُ أحمَدُ في رِوايةٍ إلى أنهُ يَتنصَّفُ الصَّداقُ بمَوتِها فيَجبُ لها نِصفُ صَداقِ مِثلِها بالمَوتِ؛ لأنَّ المَفروضَ لها يُخالِفُ الَّتي لَم يُفرضْ لها في الطَّلاقِ، فجازَ أنْ يُخالِفَها بعْدَ المَوتِ، ولأنها فُرقةٌ ورَدَتْ على تَفويضٍ صَحيحٍ قبْلَ فَرضٍ ومَسيسٍ، فلَم يَجبْ لها مَهرُ المِثلِ كفُرقةِ الطَّلاقِ.

إلَّا أنْ يكونَ قد فرَضَه لها الحاكِمُ فإنهُ لا يَتنصَّفُ؛ لأنَّ الفَرضَ يَجعَلُه كالمُسمَّى، ولو سَمَّى ثمَّ ماتَ لَوجَبَ كلُّه، فكذا إذا فرَضَه (٢).

والإمامُ الشَّافعيُّ علَّقَ القَولَ في هذهِ المَسألةِ على ثُبوتِ حَديثِ بَروَعَ بنتِ واشقٍ، فقالَ : التَّفويضُ الَّذي إذا عقَدَ الزَّوجُ النِّكاحَ به عُرِفَ أنهُ تَفويضٌ في النِّكاحِ: أنْ يَتزوَّجَ الرَّجلُ المَرأةَ الثَّيبَ المالِكةَ لأمرِها برِضاها ولا يُسمِّي مَهرًا، أو يقولَ لها: «أتَزوَّجُكِ على غَيرِ مَهرٍ»؛ فالنِّكاحُ في هذا ثابِتٌ، فإنْ أصابَها فلها مَهرُ مِثلِها، وإنْ لم يُصِبْها حتَّى طلَّقَها فلا مُتعةَ ولا نِصفَ مَهرٍ لها، وكذلكَ أنْ يَقولَ: «أتَزوَّجُكِ ولكِ عليَّ مِائةُ دِينارٍ مَهرٌ» فيكونُ هذا تَفويضًا وأكثرَ مِنَ التَّفويضِ، ولا يَلزمُه المِائةُ،


(١) «الموطأ» برواية محمد بن الحسن (٢/ ٤٦٢)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٧٥)، و «الاختيار» (٣/ ١٢٧)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣١٧)، و «اللباب» (٢/ ٣٦)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٣٢٥)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ١٣٩)، و «اختلاف العلماء» (١/ ١٤٢، ١٤٣)، و «المغني» (٧/ ١٨٩)، و «الكافي» (٣/ ١٠٥)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٣٣)، و «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٦٣)، و «المبدع» (٧/ ١٦٨، ١٦٩)، و «الإنصاف» (٨/ ٢٩٧، ٢٩٨).
(٢) «المغني» (٧/ ١٨٩)، و «الكافي» (٣/ ١٠٥)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٣٣)، و «المبدع» (٧/ ١٦٨، ١٦٩)، و «الإنصاف» (٨/ ٢٩٧، ٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>