أنهُ يَجبُ لها المُتعةُ إذا طُلقَتْ قبْلَ الدُّخولِ ولم يُسَمِّ لها مَهرًا أو نفَى المَهرَ أو أسقَطَه؛ لقَولِه تعالَى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦]، تَقديرُه:(ما لمْ تَمسُّوهُنَّ ولمْ تَفرِضُوا لهُنَّ فَريضةً)، وهذا أمرٌ، والأمرُ يَقتَضي الوُجوبَ.
وقالَ تعالَى: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١)﴾ [البقرة: ٢٤١]، وقالَ تعالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٤٩)﴾ [الأحزاب: ٤٩]، ولأنهُ طلاقٌ في نكاحٍ يَقتَضي عِوَضًا، فلَم يَعْرَ عن العِوضِ كما لو سَمَّى مَهرًا، وأداءُ الواجِبِ مِنْ الإحسانِ، فلا تَعارُضَ بيْنَهما، ولأنهُ قد ملَكَ بُضعَها، وهي لا تَستَحقُّ شيئًا مِنَ المَهرِ إذا لم يُسمَّ قبْلَ الدُّخولِ، فلو لم يَجبْ لها المُتعةُ لَخَلا بُضعُها مِنْ بَدلٍ، فصارَتْ كالمَوهوبةِ الَّتي خُصَّ بها رَسولُ اللهِ ﷺ دُونَ غيرِه مِنْ أمَّتِه، ولأنها قد ابتَذلَتْ بالعَقدِ الَّذي لم تَملِكْ لهُ بَدلًا، فاقتَضى أنْ تكونَ المُتعةُ فيهِ بدلًا؛ لِئلَّا تَصيرَ مُبتذِلةً بغَيرِ بَدلٍ (١).
(١) «الموطأ» برواية محمد بن الحسن (٢/ ٥٢٩)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٢٦٥، ٢٦٦)، و «المبسوط» (٦/ ٦١)، و «أحكام القرآن» للجصاص (٢/ ١٣٥، ١٣٧)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٧٤)، و «الهداية» (١/ ٢٠٥)، و «العناية» (٤/ ٤٨١، ٤٨٢)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣١٧)، و «البحر الرائق» (٣/ ١٥٧)، و «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ٥٢٣، ٥٣٣)، و «الحاوي الكبير» (٩/ ٥٤٧)، و «المغني» (٧/ ١٨٣، ١٨٤)، و «الكافي» (٣/ ١٠٧).