للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيةُ في المَذهبِ: ولو تَوافَقُوا -أي الوليُّ والزوجُ والزوجةُ إذا كانَتْ بالغةً- على مهرٍ كمائةٍ كانَ سرًّا وأعلَنُوا زيادةً كمائتَينِ فيَجبُ ما عُقدَ به؛ اعتِبارًا بالعَقدِ؛ لأنَّ الصداقَ يجبُ بهِ، سواءٌ كانَ العقدُ بالأقلِّ أم بالأكثرِ، اتَّحدَتْ شهودُ السرِّ والعلَنِ أم لا.

وإنْ تكرَّرَ العقدُ بأنْ عقَدَ عقدَينِ فالواجبُ ما عقدَ به أولًا قَلَّ أو كثرَ (١).

وذهَبَ الحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه لو كرّرَ العَقد على صداقَينِ سرًّا وعلانيةً أُخِذَ بالزائدِ مُطلَقًا؛ لأنه إنْ كانَ السرُّ أكثرَ فقدْ وجَبَ بالعقدِ ولم يُسقطْه العَلانيةُ، وإنْ كانَ العَلانيةُ أكثرَ فقدْ بذَلَ لها الزائدَ فلَزمَه كما لو زادَها في صَداقِها بعدَ تمامِ العقدِ؛ لقولِه تعالَى: ﴿فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ﴾ [النساء: ٢٤].

وإنْ قالَ الزوجُ: «هو عقدٌ واحدٌ أسرَرْتُه ثمَّ أظهَرْتُه فلا يَلزمُني إلا مَهرٌ واحدٌ» وقالتِ الزوجةُ: «بل عَقدانِ بينَهما فُرقةٌ» فالقولُ قولُها بيمينِها؛ لأنَّ الظاهرَ أنَّ الثاني عقدٌ صحيحٌ يُفيدُ حُكمًا كالأولِ، ولها المهرُ في العقدِ الثاني إنْ كانَ دخَلَ بها، ونصفُه في العقدِ الأولِ إنِ ادَّعى سُقوطَ نصفِه بالطلاقِ قبلَ الدُّخولِ؛ لأنَّ الأصلَ عدمُ لزومِه له.

وإنْ أصَرَّ على إنكارِ جَريانِ عَقدَينِ بينَهما فرقةٌ سُئِلَتْ، فإنِ ادَّعَت أنه


(١) «الأم» (٧/ ١٥٦)، و «روضة الطالبين» (٥/ ١٣٥، ١٣٦)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٢٠٧)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٣٢٤)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٣٧٤)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٩٤)، و «الديباج» (٣/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>