للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليلُ على صحةِ ما قُلنا: أنها إذا طلَبَتِ الفرضَ مِنَ الزوجِ يَجبُ عليه الفرضُ، حتى لو امتَنَعَ فالقاضي يجبِرُه على ذلكَ، ولو لم يَفعلْ نابَ القاضي مَنابَه في الفرضِ، وهذا دليلُ الوجوبِ قبلَ الفرضِ؛ لأنَّ الفرضَ تقديرٌ، ومِنَ المُحالِ وجوبُ تقديرِ ما ليسَ بواجبٍ.

وكذا لها أنْ تَحبسَ نفسَها حتى يُفرضَ لها المهرُ ويُسلَّمَ إليها بعدَ الفرضِ، وذلكَ كلُّه دليلُ الوُجوبِ بنفسِ العقدِ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ في المَذهبِ إلى أنَّ المهرَ لا يَجبُ بنفسِ العقدِ؛ لأنه لو وجَبَ لَتنصَّفَ بالطلاقِ قبْلَ الوطءِ، وقد دلَّ القرآنُ أنها لا تَستحِقُّ إلا المتعةَ، ولأنَّ المهرَ حقُّها، فإذا رَضيَتْ بأنْ لا يَثبتَ وجَبَ أنْ لا يَثبتَ، كما أنها إذا رَضِيَتْ بأنْ لا يَبقى لا يَبقى، وليسَ لها أنْ تُطالِبَ بمهرٍ؛ لأنه لم يَجبْ لها بالعقدِ مهرٌ، ولكنْ لها أنْ تُطالِبَ بأنْ يَفرِضَ لها مَهرًا إمِّا بمُراضاةِ الزوجَينِ أو بحُكمِ الحاكِمِ، فيَصيرُ المهرُ بعدَ الفرضِ كالمسمَّى في العقدِ، أو أنْ يَدخلَ الزوجُ بها، فيَجبُ لها بالدخولِ مهرٌ (٢).


(١) «المبسوط» (٥/ ٦٢)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٧٤، ٢٧٥)، و «المغني» (٧/ ١٨٣)، و «المبدع» (٧/ ١٦٧، ١٦٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٧٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٢٧٣)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٢١٧).
(٢) «الحاوي الكبير» (٩/ ٤٧٣)، و «شرح صحيح مسلم» (٩/ ٢١٣)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٣٢٨)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٣٧٦)، و «الديباج» (٣/ ٣٢٤)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>