للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأفهَمَ قولُه: «شرَطَا إسقاطَه» أنهما لو سكَتَا عندَ العقدِ أو دخَلَا على التفويضِ باللفظِ أو على تَحكيمِ الغيرِ في بَيانِ قَدْرِه فلا فسادَ، وهو كذلكَ (١).

وما ذهَبَ إليه المالِكيةُ هو ما رجَّحَهُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ حيثُ قالَ: والذي يَثبتُ بالكتابِ والسُّنةِ والإجماعِ أنَّ النكاحَ يَنعقدُ بدونِ فَرضِ المهرِ، أي بدُونِ تقديرِه، لا أنه يَنعقدُ مع نفيِه، بل قد قالَ تعالَى: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [الأحزاب: ٥٠] لمَّا جَوَّزَ للنبيِّ أنْ يَتزوَّجَ بلا مهرٍ فَرَضَ عليهم أنْ لا يتزوَّجُوا بلا مَهرٍ، وكذلكَ دَلَّ عليه القرآنُ في غيرِ مَوضعٍ، فلا بدَّ مِنْ مهرٍ مسمًّى مَفروضٍ أو مَسكوتٍ عن فرضِه (٢).

وقالَ أيضًا: النكاحُ ليسَ بلازمٍ إذا شُرطَ فيه نفيُ المهرِ أو مهرٌ فاسدٌ، فإنَّ اللهَ فرَضَ فيه المهرَ، فلمْ يَحلَّ لغيرِ الرسولِ النكاحُ بلا مهرٍ، فمَن تَزوجَ بشَرطِ ألا يَجبَ مهرٌ فلمْ يَعقدِ النكاحَ الذي أَذِنَ اللهُ فيه، فإنَّ اللهَ إنما أباحَ العقدَ لمَن يَبتغي بماله مُحصِنًا غيرَ مُسافِحٍ كما قال تعالَى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾ [النساء: ٢٤]،


(١) «حاشية العدوي» (٢/ ٦٧)، ويُنظَر: «المعونة» (١/ ٤٩٨)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٥٨١)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٦٢٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ١٤٥)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٠، ٢١).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>