للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابلةُ: المرأةُ إذا زنَتْ لم يَحِلَّ نكاحُها إلا إذا استُبرئتْ بالأقراءِ أو الشُّهورِ عندَ عدمِ القُرْءِ، فيَلزمُها العدَّةُ ويَحرمُ نكاحُها فيها؛ لأنها في الأصلِ لمَعرفةِ بَراءةِ الرحمِ، ولأنها قَبْلَ العدَّةِ يُحتملُ أنْ تكونَ حامِلًا فيَكونَ نكاحُها باطلًا، فلمْ يَصحَّ كالموطوءةِ بشبهةٍ، ولأنه إذا لم يَصحَّ نكاحُ الحاملِ فغيرُها أَولى؛ لأنَّ وطءَ الحاملِ لا يُفضي إلى اشتباهِ النسَبِ، ولأنه وطءٌ في القُبل، فأوجَبَ العدَّةَ كوطءِ الشبهةِ (١).

إلَّا أنَّ الإمامَ ابنَ قُدامةَ قالَ: وكلُّ مُعتدَّةٍ مِنْ غيرِ النكاحِ الصَّحيحِ كالزانيةِ والمَوطوءةِ بشُبهةٍ أو في نكاحٍ فاسدٍ فقياسُ المَذهبِ تحريمُ نكاحِها على الواطئِ وغيرِه، والأَولى حِلُّ نكاحِها لمَن هيَ مُعتدَّةٌ منه إنْ كانَ يَلحقُه نَسبُ ولدِها؛ لأنَّ العدَّةَ لحِفظِ مائِه وصِيانةِ نسبهِ، ولا يُصانُ ماؤُه المُحترمُ عن مائه المُحترمِ ولا يُحفظُ نسبُه عنه، ولذلكَ أُبيحَ للمُختلعةِ نكاحُ مَنْ خالَعَها، ومَن لا يَلحقُه نسبُ وَلدِها كالزانيةِ لا يَحلُّ له نكاحُها؛ لأنَّ نكاحَها يُفضي إلى اشتباهِ النسَبِ، فالواطئُ كغيرِه في أنَّ الولدَ لا يَلحقُ نَسبُه بواحدٍ منهُما (٢).

وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ إلى أنه يَصحُّ عقدُ النكاحِ على المرأةِ وإنْ لم تُستبرأْ حتى لو كانَتْ حاملًا مِنَ الزنا؛ لأنها مِنَ المُحلَّلاتِ بالنصِّ، فهيَ


(١) «المغني» (٧/ ١٠٧، ١٠٨)، و «المحرر في الفقه» (٢/ ٢١)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٨١).
(٢) «المغني» (٨/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>