الثاني: إذا دخَلَ بإحداهُما، فإنْ أرادَ نكاحَها فارَقَ التي لم يُصِبْها بطَلقةٍ ثمَّ ترَكَ المُصابةَ حتى تَنقضيَ عدَّتُها ثم نكَحَها؛ لأننا لا نأمَنُ أنْ تكونَ هي الثانيةَ، فيَكونُ قد أصابَها في نكاحٍ فاسدٍ، فلِهذا اعتبَرْنا انقضاءَ عدَّتِها، ويَحتملُ أنْ يجوزَ له العقدُ عليها في الحالِ؛ لأنَّ النسَبَ لاحِقٌ به ولا يُصانُ ذلكَ عن مائهِ، وإنْ أحَبَّ نكاحَ الأُخرى فارَقَ المُصابةَ بطلقةٍ ثم انتظَرَها حتى تَنقضيَ عدَّتُها ثم تزوَّجَ أختَها.
القسمُ الثالثُ: إذا دخَلَ بهما، فليسَ له نكاحُ واحدةٍ منهُما حتى يُفارِقَ الأُخرى وتَنقضيَ عدَّتُها مِنْ حينِ فُرقتِها وتَنقضيَ عدَّةُ الأُخرى مِنْ حين أصابَها، وإنْ ولَدَتْ منه إحداهُما أو هما جَميعًا فالنسَبُ لاحقٌ به؛ لأنه إمَّا مِنْ نكاحٍ صحيحٍ أو نكاحٍ فاسدٍ، وكلاهُما يَلحقُ النَّسبُ فيه، وإنْ لم يُرِدْ نكاحَ واحدةٍ منهُما فارَقَهما بطَلقةٍ طلقةٍ.
فأما المَهرُ فإنْ لم يَدخلْ بواحدةٍ منهما فَلإحداهُما نِصفُ المَهرِ، ولا نَعلمُ مَنْ يَستحقُّه منهُما، فيَصطلحانِ عليهِ، وإنْ لم يفعَلَا أقرَعَ بينَهما فكانَ لمَن خرَجَتْ قُرعتُها مع يَمينِها، وقالَ أبو بكرٍ: اختِياري أنْ يَسقطَ المهرُ إذا كانَ مُجبَرًا على الطلاقِ قبلَ الدُّخولِ، وإنْ دخَلَ بواحدةٍ منهُما أقرَعَ بينَهما، فإنْ وقَعَتْ لغيرِ المُصابةِ فلها نِصفُ المهرِ وللمصابةِ مهرُ المثلِ بما استَحلَّ مِنْ فرجِها، وإنْ وقَعَتْ على المُصابةِ فلا شيءَ للأُخرى وللمُصابةِ المسمَّى جميعُه، وإنْ أصابَهما معًا فلإحداهُما المسمَّى وللأُخرى مهرُ المثلِ يقرعُ