للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَخصَّ التَّسليمَ بكَونِه مُحلِّلًا؛ فدلَّ على أنَّ التَّحليلَ بالتَّسليمِ على التَّعيُّنِ، فلا يَتحلَّلُ بدُونِه، ولأنَّ الصَّلاةَ عِبادةٌ لها تَحليلٌ وتَحريمٌ، فيَكونُ التَّحليلُ فيها رُكنًا، قِياسًا على الطَّوافِ في الحَجِّ.

ولقولِ النَّبيِّ : «صَلُّوا كما رَأَيتُمُونِي أُصَلِّي»، وثَبت عنه أنَّه : «كانَ يَختِمُ الصَّلاةَ بالتَّسليمِ» (١). ويُديمُ ذلك ولا يُخِلُّ به (٢).

وذَهب الإمامُ أبو حَنيفَةَ إلى أنَّ التَّسلِيمَ لا يَتعيَّنُ لِلخُروجِ مِنْ الصَّلاةِ، بل إذا خرَج بما يُنافِي الصَّلاةَ مِنْ عمَلٍ أو حَدثٍ أو غيرِ ذلك، جازَ، إلا أنَّ التَّسليمَ مَسنونٌ، وليس برُكنٍ، ولأنَّ النَّبيَّ لم يُعلِّمه المُسيءَ في صَلاتِه، ولو وجبَ لَأَمرَ به؛ لأنَّه لا يَجوزُ تَأخِيرُ البَيانِ عن وقتِ الحاجةِ، ولأنَّ إحدى التَّسلمَتَينِ غيرُ واجِبةٍ، فكذلك الأُخرى.

ولمَا رُويَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ لابنِ مَسعودٍ حينَ علَّمه التشهُّدَ: «إذا قُلتَ هذا أو فَعَلتَ هذا فقد قَضيتَ ما عَلَيكَ إن شِئتَ أن تَقُومَ فَقُم، وإن شِئتَ أن تَقعُدَ فَاقعُد» (٣).


(١) رواه مسلم (٤٩٨).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (١/ ٢٨٧، ٢٨٨) رقم (٢٠٤)، و «الذَّخيرة» (٢/ ١٩٩)، و «حاشية الدُّسوقي» (١/ ٢٤١)، و «بداية المجتهد» (١/ ١٨٤)، و «شرح مسلم» (٤/ ١٩٣)، و «مغني المحتاج» (١/ ١٧٧)، و «المغني» (٢/ ١٠٤، ١٠٥)، و «الإفصاح» (١/ ١٧٦، ١٧٧)، و «كشَّاف القناع» (١/ ٣٦١)، و «منار السبيل» (١/ ١٠٥).
(٣) سبق تخريجه، وقالَ الحافظ ابن حجر في «الدِّراية» (١/ ١٥٧): اتفق الحُفاظ على أنَّ هذه الزيادة مُدرَجة من كلام ابن مسعود، منهم ابن حِبَّان والدَّارَقُطني والبَيهَقي والخَطيب، وأوضحوا الحُجَّة في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>