والدليلُ على أنه بالنظرِ يقَعُ التحريمُ أنَّ فيهِ نوعَ استمتاعٍ، فجرَى مجرَى النكاحِ؛ إذِ الأحكامُ تتعلَّقُ بالمعاني لا بالألفاظِ، وقد يُحتملُ أنْ يقالَ: إنه نوعٌ مِنَ الاجتماعِ بالاستمتاعِ، فإنَّ النظرَ اجتماعٌ ولقاءٌ، وفيهِ بينَ المحبِّينَ استمتاعٌ (١).
وذهبَ الشافِعيةُ في الأظهَرِ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا يَتعلَّقُ به تحريمُ المُصاهرةِ ولا الرَّبيبةِ إلا إذا جامَعَ الأمَّ، فإنَّ الدخولَ بها هو وطؤُها كُنِّيَ عنهُ بالدخولِ، فإنْ خَلا بها ولمْ يَطأْها لم تَحرمِ ابنتُها؛ لأنها غيرُ مدخولٍ بها؛ لقولِه تعالَى: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ [النساء: ٢٣]، فشرَطَ الدخولَ، وهذا ليسَ بدُخولٍ، ولأنه لَمسٌ لا يُوجِبُ الغُسلَ، فلم يتعلَّقْ به التحريمُ كالمُباشرةِ بغيرِ شَهوةٍ.
وإنْ نظَرَ إلى فرجِها بشهوةٍ … لم يَتعلَّقْ به تَحريمُ المصاهرةِ ولا تَحريمُ
(١) «فتاوى السغدي» (١/ ٢٥٥)، و «الاختيار» (٣/ ١١٠)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٢٢٤)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٧٨)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ٢٧٤)، و «الاستذكار» (٥/ ٤٦٠)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٢٣) رقم (١١٦٠)، و «تفسير القرطبي» (٥/ ١١٣)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٥)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٢٠٨)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٦٠٣)، و «البيان» (٩/ ٢٥١، ٢٥٢)، و «النجم الوهاج» (٧/ ١٦٢)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٩٥، ٢٩٥)، و «المغني» (٧/ ٨٦، ٩٣).